Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Mai Buga Littafi
المكتب الإسلامي
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
(دمشق - بيروت)
Nau'ikan
Usul al-Fiqh
وَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى تَعْرِيفِ حَقِيقَةِ الْكِتَابِ (١)، فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ وَهِيَ خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى (٢) اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا نُقِلَ إِلَيْنَا مِنَ الْقُرْآنِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا نُقِلَ إِلَيْنَا مِنْهُ آحَادًا كَمُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِ أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ حُجَّةً، أَمْ لَا؟
فَنَفَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَثْبَتَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَنَى (٣) عَلَيْهِ وُجُوبَ التَّتَابُعِ فِي صَوْمِ الْيَمِينِ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي مُصْحَفِهِ مِنْ قَوْلِهِ: " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ ".
وَالْمُخْتَارُ إِنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَحُجَّتُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ كَانَ مُكَلَّفًا بِإِلْقَاءِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى طَائِفَةٍ تَقُومُ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ بِقَوْلِهِمْ، وَمَنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ بِقَوْلِهِمْ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهِمُ التَّوَافُقُ عَلَى عَدَمِ نَقْلِ مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ.
فَالرَّاوِي لَهُ إِذَا كَانَ وَاحِدًا إِنْ ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ فَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ فَقَدْ تَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ ﵇، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَهَذَا بِخِلَافِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنِ النَّبِيِّ ﵇، وَعَلَى هَذَا مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي صَوْمِ الْيَمِينِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُكُمْ إِنَّ النَّبِيَّ ﵇ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِلْقَاءُ الْقُرْآنِ إِلَى عَدَدٍ تَقُومُ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ بِقَوْلِهِمْ، لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ دَعْوَاهُ مَعَ أَنَّ حُفَّاظَ الْقُرْآنِ فِي زَمَانِهِ ﵇ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ لِقِلَّتِهِمْ، وَأَنَّ جَمْعَهُ إِنَّمَا كَانَ
(١) كِتَابُ اللَّهِ أَوِ الْقُرْآنُ مِنَ الْكَلِمَاتِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي يَفْهَمُ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُمِّيُّونَ وَصِبْيَانُ الْكَتَاتِيبِ، وَتَعْرِيفُهُ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّكْلِيفِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ غُمُوضٍ احْتَاجُوا مَعَهُ إِلَى سُؤَالٍ وَجَوَابٍ، وَإِخْرَاجِ مَا يَجِبُ إِخْرَاجُهُ بِمَا فِيهِ مِنْ قُيُودٍ، فَمَا كَانَ أَغْنَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّهَا الصِّنَاعَةُ الْمَنْطِقِيَّةُ الْمُتَكَلَّفَةُ تَغَلْغَلَتْ فِي نُفُوسِ الْكَثِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
(٢) انْظُرْ آخِرَ الْجُزْءِ: ١٣ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى، فَفِيهِ بَيَانُ ضَابِطِ الْمُتَوَاتِرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، وَبَيَانُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنْهَا، وَمَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَمَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا تَجُوزُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ.
(٣) بَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ بَيْنَ النَّافِي وَالْمُثْبِتِ.
1 / 160