150

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Mai Buga Littafi

المكتب الإسلامي

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤٠٢ هـ

Inda aka buga

(دمشق - بيروت)

Nau'ikan

Usul al-Fiqh
وَعَلَى هَذَا فَالْغَافِلُ عَمَّا كُلِّفَ بِهِ، وَالسَّكْرَانُ الْمُتَخَبِّطُ لَا يَكُونُ خِطَابُهُ وَتَكْلِيفُهُ فِي حَالَةِ غَفْلَتِهِ وَسُكْرِهِ أَيْضًا، إِذْ هُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى فَهْمِ خِطَابِ الشَّارِعِ وَحُصُولِ مَقْصُودِهِ مِنْهُ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْغَرَامَاتِ وَالضَّمَانَاتِ بِفِعْلِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ. فَتَخْرِيجُهُ كَمَا سَبَقَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَنُفُوذُ طَلَاقِ السَّكْرَانِ فَفِيهِ مَنْعُ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ، وَإِنْ نَفَذَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ فِي شَيْءٍ، بَلْ مِنْ بَابِ مَا ثَبَتَ بِخِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارُ يُجْعَلُ تَلْفُظُهُ بِالطَّلَاقِ عَلَامَةً عَلَى نُفُوذِهِ، كَمَا جُعِلَ زَوَالُ الشَّمْسِ وَطُلُوعُ الْهِلَالِ عَلَامَةً عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَالزِّنَى وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ بِنَهْيِ السَّكْرَانِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ حَالَةَ السُّكْرِ، بَلِ النَّهْيُ عَنِ السُّكْرِ فِي وَقْتِ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ. وَتَقْدِيرُهُ إِذَا أَرَدْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَسْكَرُوا. كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَرَادَ التَّهَجُّدَ: لَا تَقْرَبِ التَّهَجُّدَ وَأَنْتَ شَبْعَانُ. أَيْ لَا تَشْبَعْ إِذَا أَرَدْتَ التَّهَجُّدَ، حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ عَلَيْكَ التَّهَجُّدُ. وَهُوَ وَإِنْ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى عَدَمِ النَّهْيِ عَنِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَغَيْرُ مَانِعٍ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ حَيْتُ لَمْ يَكُنِ الشُّرْبُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ وُرُودُهُ بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَفِي حَالَةِ السُّكْرِ، لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُ لَفْظِ السَّكْرَانِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ دَبَّ الْخَمْرُ فِي شُئُونِهِ وَكَانَ ثَمِلًا نَشْوَانًا، وَأَصْلُ عَقْلِهِ ثَابِتٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُئَوِّلُ إِلَى السُّكْرِ غَالِبًا. وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُئَوِّلُ إِلَيْهِ يَكُونُ تَجَوُّزًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ ; فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى كَمَالِ التَّثَبُّتِ عَلَى مَا يُقَالُ إِذْ هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ حَالَةَ الِانْتِشَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْلُ وَالْفَهْمُ حَاصِلًا. وَذَلِكَ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَرَادَ فِعْلَ أَمْرٍ وَهُوَ غَضْبَانُ: لَا تَفْعَلْ حَتَّى تَعْلَمَ مَا تَفْعَلُ أَيْ حَتَّى يَزُولَ عَنْكَ الْغَضَبُ الْمَانِعُ مِنَ التَّثَبُّتِ عَلَى مَا تَفْعَلُ، وَإِنْ كَانَ عَقْلُهُ وَفَهْمُهُ حَاصِلًا. وَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَى هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ، جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ الْمَانِعِ مِنَ التَّكْلِيفِ.

1 / 152