وقال النظام (^١) ومن تابعه من المعتزلة: الإعجازُ هو المنعُ عن معارضتِه، والصَّرْفَةُ عن التحدي بمثلِه في مناقضتِه، فعلى هذا لا يكون القرآن في حد ذاته معجزًا (^٢). فأشار الشيخ إلى رده ورد غيره مما هو غير مقبول في رأيه حيث قال:
١٤ - من قال صرْفَتُهُم مَعْ حَثِّ نُصْرَتِهِم … وَفْر الدَّواعيْ فلم يستَنصرِالنُّصَرا
"الصَّرْفَة": بفتح الصاد المهملة؛ بمعنى المنع؛ مبتدأ؛ خبره محذوف؛ أي: "صرْفَتُهم" هي المعجزة، أو خبر مبتدأ محذوف (^٣)؛ أي: المعجزة صرْفَتُهم، و"الحث": التحريض والتحريص (^٤). وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعلُه قوله: "وفر الدواعي"، و"النُّصَرا"؛ جمع نصير بمعنى المعاون، والجملة خبر لـ "من" الموصولة المتضمنة لمعنى الشرط.
والمعنى: أن من قال: معجزتُه صَرْفُ الله إياهم عن معارضته ودفعُ الله لهم عن مناقضته مع أن دواعيَهم المتوفرة وبواعثَهم المتكثرة كانت تقتضي أن ينصر بعضهم بعضًا بالمقاولة في المقابلة، ولكن صُرِفت دواعيهم عن الإتيان بمثله، فالمعجزة هو (^٥) صرف دواعيهم وإن كان في مقدرتهم المعارضة بنحوه،