٢٦ - فأَجْمَعُوا جَمْعَهُ في الصُّحْفِ واعتَمَدُوا … زيدَ بنَ ثابتٍ العَدْلَ الرِّضا نَظَرا
جمَعْتُ الأمرَ واجتمعت عليه بمعنى واحد؛ أي: عزمت، و"جَمْعَهُ"؛ مفعول به، أو مفعول مطلق، و"الصُّحْفِ": بضمتين، وخفف هنا؛ جمع صحيفة وهي الكتاب ومنه المصحف بتثليث الميم، و"العدلَ الرضا": صفتان لـ"زيد" على أنهما بمعنى اسم الفاعل، أو بتقدير مضاف أي: ذا العدل والرضا، أو على وقوع المصدر موقع الصفة كأنه عَيْنُهُ، أو على سبيل المبالغة في قصد الكثرة؛ يقال: رجل عَدْلٌ وصَوْمٌ أي: كثير العدلِ والصومِ، و"زيدَ": مفعولُ "اعتَمَدُوا" على نزع الخافض أي: عليه، كما قال الشارح (^١)، أو بتضمين اعتبروا، و"نَظَرا": تمييز أي: المرضي النظر.
والمعنى: أن عمر راجع أبا بكر بحضور الصحابة حتى أجمعوا على رأي عمر فراجعوا زيدَ بن ثابت (^٢) حتى رأى رأيهم وعزموا على جمع المتفرقات مما في أيديهم في الرقاع وغيرها في صحيفة جامعة، وأمروا زيد بن ثابت الأنصاري بجمعه لكمال ديانته، وجمال عدالته، ومهارته في قراءته، وحذاقته في كتابته، وأنه أشهرُ كتبة الوحي في وقته، وأظهرُ من جمَع بين العلم وحُسْنِ سيرتِه، حتى (أمسك له ابن عباس بِرِكابه، تعظيمًا لجنابه، وقال هكذا نصنع بالعلماء) (^٣)، وحين دُلِّيَ زيدٌ في قبره وانتقل من دار الفناء إلى دار البقاء قال ابن عباس: (من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فليعلم أنه بذهاب مثل هذا من العلماء (^٤)، وكان زيد ممن جمع القرآن بالتمام، في عهده ﵇ (^٥)، وقرأ عليه بعد