Hawi Kabir
الحاوي الكبير
Bincike
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1419 AH
Inda aka buga
بيروت
(إِلَى رَجَحِ الْأَكْفَالِ عُدَّ مِنَ الظُّبَى ... عِذَابُ الثَّنَايَا رِيقُهُنَّ طَهُورُ)
يَعْنِي: طَاهِرًا، لِأَنَّ رِيقَهُنَّ لَا يَكُونُ مُطَهِّرًا قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّ فَعُولٍ كَانَ مُتَعَدِّيًا كَانَ فَاعِلُهُ مُتَعَدِّيًا، كَالْمَقْتُولِ وَالْقَاتِلِ، وَكُلَّ فَاعِلٍ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَانَ فَعُولُهُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَالصَّبُورِ وَالصَّابِرِ فَلَمَّا كَانَ الطَّاهِرُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّهُورُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الطَّهُورَ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا لَمَا انْطَلَقَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ وُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ، كَالْقَتُولِ وَالضَّرُوبِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ اسْمُ الطَّهُورِ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ وُجُودِ التَّطَهُّرِ بِهِ، عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ لِتَعَدِّي الْفِعْلِ مِنْهُ، بَلْ لِلُزُومٍ، وَالصِّفَةُ لَهُ أَيِ الْوَصْفُ، قَالُوا وَلِأَنَّ الطَّهُورَ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا لَوَجَبَ أَنْ يَتَكَرَّرَ فِعْلُ التَّطْهِيرِ مِنْهُ كَالْقَتُولِ وَالضَّرُوبِ فَلَمَّا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مُسْتَعْمَلًا عُلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ.
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١]، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَاءَ يُتَطَهَّرُ بِهِ، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَدِّي الْفِعْلِ مِنْهُ فَقَالَ ﵇ فِي الْبَحْرِ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِمْ فِي تَعَدِّي فِعْلِهِ إِلَيْهِمْ إِذْ قَدْ عَلِمُوا طَهَارَتَهُ قَبْلَ سُؤَالِهِمْ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ قَبْلِي نَبِيٌّ " فَذَكَرَ مِنْهَا: " وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا " يَعْنِي مُطَهِّرًا، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ طَاهِرًا عَلَى مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا افْتَخَرَ بِمَا خُصَّ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْهِيرِ بِهِ. وَقَالَ ﵇: " دِبَاغُهَا طَهُورُهَا ". أَيْ مُطَهِّرُهَا.
وَقَالَ: " طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ " أَيْ: مُطَهِّرُهُ فَكَانَتْ هَذِهِ الظَّوَاهِرُ الشَّرْعِيَّةُ كُلُّهَا دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الطَّهُورَ بِمَعْنَى مُطَهِّرٍ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.
وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَهُوَ أَنَّ فَعُولَ أَبْلَغُ فِي اللُّغَةِ مِنْ فَاعِلٍ، فَلَمَّا اخْتَصَّ قَوْلَهُمْ طَهُورٌ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ التَّطْهِيرُ مِنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ دُونَ مَا كَانَ طَاهِرًا مِنَ الْخَشَبِ وَالثِّيَابِ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُبَالَغَةِ تَعَدِّي الطَّهُورِ، وَلُزُومُ الطَّاهِرِ، وَلِأَنَّ مَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَ فَعُولِهِ وَفَاعِلِهِ بِالتَّكْرَارِ، لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بِالتَّعَدِّي، كَالْقَتُولِ وَالْقَاتِلِ وَمَا لَمْ يُمْكِنِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّكْرَارِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالتَّعَدِّي، وَلَيْسَ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ طَهُورٍ وَطَاهِرٍ بِتَكْرَارِ الْفِعْلِ فَبَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّعَدِّي.
فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْآيَةِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1 / 38