174

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Editsa

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

1419 AH

Inda aka buga

بيروت

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَالْمُسْتَنِدِ وَالْمُضْطَجِعِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا جِلْسَةٌ لَا تَحْفَظُ الْأَرْضُ سَبِيلَهُ مِنْهَا، وَلَعَلَّ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ هُوَ قَوْلٌ ثَانٍ فِي نَوْمِ الْقَاعِدِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَكَانَ أَبُو الْفَيَّاضِ الْبَصْرِيُّ يُفَصِّلُ ذَلِكَ فَيَقُولُ:
إِنْ كَانَ النَّائِمُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ نَحِيفَ الْبَدَنِ مَعْرُوقَ الْأَلْيَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِأَنَّ السَّبِيلَ لَا يَكُونُ مَحْفُوظًا، وَإِنْ كَانَ لَحِيمَ الْبَدَنِ تَنْطَبِقُ أَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ فِي هَذَا الْحَالِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ لِأَنَّ السَّبِيلَ يَصِيرُ مَحْفُوظًا فَلَوْ نَامَ مُتَرَبِّعًا فَغَلَبَهُ النَّوْمُ حَتَّى مَالَ عَنْ جُلُوسِهِ فَإِنِ ارْتَفَعَتْ أَلْيَتَاهُ عَنِ الْأَرْضِ فِي مَيْلِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ كَمَا لو لم يميل.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهُ مِنْ أَقْسَامِ النَّوْمِ فَهُوَ النَّوْمُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ نَامَ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ كانت صلاته جائزة ووضوءه جائز.
وَإِنْ نَامَ فِي غَيْرِ الْجُلُوسِ إِمَّا فِي قِيَامِهِ أَوْ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ فَفِي بُطْلَانِ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ وُضُوءَهُ صَحِيحٌ وَبِهِ قَالَ ثَمَانِيَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) ﴿الفرقان: ٦٤)، فَأَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْمَدْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَدْحُ انْتَفَى عَنْهُ إِبْطَالُ الْعِبَادَةِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا نَامَ الْعَبْدُ فِي سُجُودِهِ بَاهَى اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَبَدَنُهُ ساجدٌ بَيْنَ يَدَيَّ " فَأَوْجَبَ هَذَا نَفْيَ الْحَدَثِ عَنْهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ وُضُوءَهُ قَدِ انْتَقَضَ وَصَلَاتَهُ قَدْ بَطَلَتْ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ -: إِنَّكَ تَنَامُ فِي صَلَاتِكَ فَقَالَ ﷺ َ -: " تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نَوْمَ الْقَلْبِ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ حَدَثًا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَانَ حَدَثًا فِي الصَّلَاةِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ، فَلَوْ تَيَقَّنَ الْمُتَوَضِّئُ النَّوْمَ ثُمَّ شَكَّ فِيهِ هَلْ كَانَ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لا يجب بالشك.
(مسألة)
: قال الشافعي ﵁: " وَالْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ بجنونٍ أَوْ مرضٍ مُضْطَجِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُضْطَجِعٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ مِنْهُ الْوُضُوءُ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ أَغْلَظُ حَالًا مِنَ النَّوْمِ فَلَمَّا كَانَ النَّوْمُ

1 / 182