160

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Editsa

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1419 AH

Inda aka buga

بيروت

(فَصْلٌ)
: وَإِنْ عُدِمَ الْوَصْفُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَأْكُولًا مَطْعُومًا لَمْ يَجُزِ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ وأبو حنيفة: يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَأْكُولِ استدلالًا بأمرين:
أحدهما: أنه كما كَانَ طَاهِرًا مُزِيلًا كَانَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ كَغَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَشْرُوبِ وَلَمْ تَكُنْ حُرْمَتُهُ مَانِعَةً مِنْهُ كَذَلِكَ بِالْمَأْكُولِ وَلَا تَكُونُ حُرْمَتُهُ مَانِعَةً مِنْهُ، وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّهُ مَحَلٌّ نَجِسٌ فَوَجَبَ أَلَّا يَسْقُطَ حُكْمُ نَجَاسَتِهِ بِالْمَأْكُولِ كَسَائِرِ الْأَنْجَاسِ وَلِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ سَبَبُهَا الْمَأْكُولُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَزُولَ بِالْمَأْكُولِ لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ إِيجَابَ حُكْمٍ لَمْ يُوجِبْ رَفْعَهُ، وَلَيْسَ كَالْمَاءِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَرْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ اسْتِدْلَالًا وَانْفِصَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَأْكُولَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُوَ مَأْكُولٌ فِي الْحَالِ كَالْخُبْزِ وَالْفَوَاكِهِ وَبَيْنَ مَا يُؤْكَلُ فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ عَمَلٍ كَاللَّحْمِ الَّتِي فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا، فَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُجْرِيهِ مَجْرَى اللَّحْمِ فَمَنَعَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْكَلُ بَعْدَ ذَبْحِهِ فَصَارَ كَاللَّحْمِ الَّذِي يُؤْكَلُ بَعْدَ طَبْخِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ الْحَيَّ لَا يُقَالُ لَهُ مَأْكُولٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلَيْسَ كَاللَّحْمِ النِّيءِ، لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ قبل الطبخ وإنما يطبخ ليستطاب ويستمرئ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَكْلَ اللَّحْمِ النِّيءِ حَلَالٌ وأكل الحيوان حَرَامٌ. وَإِذَا صَحَّ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْحَيَّ غَيْرُ مَأْكُولٍ فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنَ النُّعُومَةِ وَاللِّينِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِزَالَةِ صَحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنُعُومَتِهِ وَلِينِهِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِزَالَةِ لَمْ يَجُزِ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، فَلَوِ اسْتَنْجَى بِكَفِّ آدَمِيٍّ جَازَ وَلَوِ اسْتَنْجَى بِكَفِّ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ يُجِيزُهُ بِكَفِّ نَفْسِهِ كَمَا يَجُوزُ بِكَفِّ غَيْرِهِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْفَرْقَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي السُّجُودِ فَجَازَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَفِّ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَفِّ نَفْسِهِ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِكَفِّ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِكَفِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْفَوَاكِهُ وَالثِّمَارُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَكُونُ يَابِسًا كَالْيَقْطِينِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ يَابِسًا إِذَا كَانَ مُزِيلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ.

1 / 168