لَا يَشْغَلُهُمْ عَنِ الْبِدَارِ دَهْقَنَةٌ وَتِجَارَةٌ، وَلَا يُلْهِيهِمْ تُرْفَةٌ وَلَا عِمَارَةٌ.
٣٤٧ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي زَمَنِهِ لَا يُدَوِّنُ دِيوَانًا، وَلَا يُجَرِّدُ لِلْجِهَادِ أَعْوَانًا، إِذْ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَخِفُّونَ إِلَى ارْتِسَامِ أَوَامِرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنَاةٍ وَاسْتِئْخَارٍ، وَانْقَرَضَ عَلَى ذَلِكَ زَمَنُ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ ﵁ ثُمَّ لَمَّا انْتَهَتِ النَّوْبَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ جَنَّدَ الْجُنُودَ، وَعَسْكَرَ الْعَسَاكِرَ، وَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، وَصَارَتْ سِيرَتُهُ وَإِيَالَتُهُ أُسْوَةً لِلْعَالَمِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
٣٤٨ - فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ اسْتِظْهَارُ الْإِمَامِ بِالْأَعْوَانِ وَالْأَنْصَارِ فَلَابُدَّ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ بِالْأَمْوَالِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَمْوَالَ الَّتِي يَجْمَعُهَا وَيُجْبِيهَا وَيَطْلُبُهَا وَيَنْتَحِيهَا، تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ، وَإِلَى مَا يَعُمُّ انْبِسَاطُهُ عَلَى وُجُوهِ الْمَصَالِحِ.