الداء والدواء
الداء والدواء
Mai Buga Littafi
دار المعرفة
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1418 AH
Inda aka buga
المغرب
Nau'ikan
Tariqa
الشَّيَاطِينُ فِطَرَ الْخَلْقِ وَعُقُولَهُمْ وَأَفْسَدَتْهَا عَلَيْهِمْ، وَاجْتَالَتْهُمْ عَنْهَا، وَمَضَى عَلَى الْفِطْرَةِ الْأُولَى مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبَهُ بِمَا يُوَافِقُ فِطَرَهُمْ وَعُقُولَهُمْ، فَازْدَادُوا بِذَلِكَ نُورًا عَلَى نُورٍ، ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [النُّورِ: ٣٥] .
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَمِنْ خَصَائِصِ الْإِلَهِيَّةِ السُّجُودُ، فَمَنْ سَجَدَ لِغَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَ الْمَخْلُوقَ بِهِ.
وَمِنْهَا: التَّوَكُّلُ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَهُ بِهِ.
وَمِنْهَا: التَّوْبَةُ، فَمَنْ تَابَ لِغَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَهُ بِهِ.
وَمِنْهَا: الْحَلِفُ بِاسْمِهِ تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا لَهُ، فَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَهُ بِهِ، هَذَا فِي جَانِبِ التَّشْبِيهِ.
وَأَمَّا فِي جَانِبِ التَّشَبُّهِ بِهِ: فَمَنْ تَعَاظَمَ وَتَكَبَّرَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى إِطْرَائِهِ فِي الْمَدْحِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْخُضُوعِ وَالرَّجَاءِ، وَتَعْلِيقِ الْقَلْبِ بِهِ خَوْفًا وَرَجَاءً وَالْتِجَاءً وَاسْتِعَانَةً، فَقَدْ تَشَبَّهَ بِاللَّهِ وَنَازَعَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُهِينَهُ غَايَةَ الْهَوَانِ، وَيُذِلَّهُ غَايَةَ الذُّلِّ، وَيَجْعَلَهُ تَحْتَ أَقْدَامِ خَلْقِهِ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ ﷺ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ ﷿: " الْعَظَمَةُ إِزَارِي، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ ".»
وَإِذَا كَانَ الْمُصَوِّرُ الَّذِي يَصْنَعُ الصُّورَةَ بِيَدِهِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِتَشَبُّهِهِ بِاللَّهِ فِي مُجَرَّدِ الصُّورَةِ، فَمَا الظَّنُّ بِالتَّشَبُّهِ بِاللَّهِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ؟
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ، يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، فَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً]»، فَنَبَّهَ بِالذَّرَّةِ وَالشَّعِيرَةِ عَلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَكْبَرُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا حَالُ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِ فِي صَنْعَةِ صُورَةٍ، فَكَيْفَ حَالُ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِ فِي خَوَاصِّ رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِ فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَلِكِ الْمُلُوكِ، وَحَاكِمِ الْحُكَّامِ، وَنَحْوِهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ يُسَمَّى
1 / 137