293

البناية في شرح الهداية

البناية في شرح الهداية

Editsa

أيمن صالح شعبان

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية - بيروت

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1420 AH

Inda aka buga

لبنان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الصبر لا أنه يصبر مرة بعد أخرى، ومثال ذلك كثير، ويدل على تحقيق هذا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١] (الإنسان: الآية ٢١) ومعلوم أن أهل الجنة لا يحتاجون إلى التطهير إلى التطهير من حدث أو خبث بل هو عبارة عن الطاهر الشديد الطهارة. وقال جرير:
عذاب الثنايا ... ريقهن طهور
والريق لا يطهر به عندهم، وقال ﷺ: «التيمم طهور المسلم» والتيمم لا يرفع الحدث عندهم.
قلت: يمكن المناقشة بأن يقال: لا نسلم قولكم بأن المبالغة والتكرير تكون في الفاعل إذا كانت الصيغة من الفعل اللازم على الإطلاق، بل قد يكون التكثير في الفعل دون الفاعل نحو حولت وطرقت، وقد يكون في الفاعل نحو سومت الإبل، وقولكم: إن الطهور من طهر وهم لازم لا يشابه المشتق من الفعل المتعدي كتطوع وتنوع فلا يقاس عليه غير مانع قطعا؛ لأنه قد يستعمل على سبيل المجاز، أهل الصرف جوزوا ذلك فقال بعضهم: إن المراد بالتكثير في الفعول لا يستعمل بالتضعيف إلا إذا كان الفعل جمعا نحو قولهم: غلقت بالتضعيف فإنه لا يستعمل إلا إذا قال: غلقت الأبواب حتى إذا كان واحدا لا يقال: إلا غلقت بالتخفيف إلا على سبيل المجاز، فحينئذ قياسهم الفعول من اللازم على الفعول من المتعدي صحيح بهذه الطريقة.
ويؤيد ذلك ما قاله تاج الشريعة في هذا الموضع في شرحه أن الطهور وإن كان اشتقاقه من فعل وهو لازم لكنه جعل متعديا شرعا بواسطة ظهور أثره في الغير فصح الإلحاق، ويمكن أن يمنع استدلالهم بلفظ الطهور فيما احتجوا به بأن يقال: الطهور اسم لما يتطهر به كالسجود والوقود فليس فيه ما يدل على أنه مطهر غيره مرة بعد أخرى ولا فيه مبالغة.
فإن قالوا: نحن نحتج بأشياء غير ذلك الأول «أنه ﷺ توضأ فمسح رأسه ببل لحيته» . وعن ابن عباس ﵄ «عن النبي ﷺ أنه اغتسل فنظر لمعة من بدنه لم يصبها الماء فأمر يده بما عليه ذلك» .
الموضع الثاني: قوله ﷺ: «الماء طهور لا ينجسه شيء» . وهو حديث صحيح.

1 / 397