البدعة وأثرها في محنة المسلمين

Abu Ishaq al-Huwaini d. Unknown
7

البدعة وأثرها في محنة المسلمين

البدعة وأثرها في محنة المسلمين

Nau'ikan

الرد على شبهة المعتزلة والأشاعرة في أن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة ما قالوا كما قالت المبتدعة من المعتزلة والأشاعرة وأشباههم: إن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة هذا أصل من أصول المبتدعة التي ردوا بها دلالات النصوص الواضحة، لماذا تردون خبر الواحد؟ يقول لك: هل الواحد معصوم؟ لا. يمكن أن يخطئ؟ نعم. ما هو الدليل على أنه لم يخطئ في هذا الخبر؟ طالما أنه ليس بمعصوم، وأنه من الجائز أن يخطئ، فمن الممكن أن يخطئ في نقل صفة لله، فأنا لا أعبد الله بخبر من يمكن أن يدخل الخطأ في كلامه. إذًا لكي نقبل هذا الكلام: لابد أن يرويه عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب أو الخطأ، هو هذا كلامهم، قاعدة عملية، تأتي له بأي صفة، يأتي بهذه القاعدة ويقول لك: هذا مخالف للعقل، عقل من؟ لعقلك أنت، أم لعقل زيد، أم لعقل عمرو؟! إذًا عقلك أفضل مني، لماذا؟ اختلفنا إذًا، نريد عقلًا ثالثًا يحكم بيننا، لو جاء برجل أقول له: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، لو جئته أنا برجل يقول: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، إذًا لابد من عقل معصوم وليس إلا النبي ﵊، إذًا رجعنا مرة أخرى للنقل؛ لأن الحكم الفيصل بيني وبين هذا الذي اختلفت معه، لابد أن يكون واحدًا هو محل ثقة مني ومنه، وهذا لا يكون إلا لرسول الله ﷺ. الرسول ﵊ لما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن قال: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) هذه عقيدة أم أحكام شرعية؟ هذه عقيدة، ومع ذلك أرسل معاذ بن جبل وحده، ثم أتبعه بـ أبي موسى الأشعري فصارا اثنين، والاثنان ليس تواترًا لا عندهم ولا عندنا، التواتر: عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب، بعضهم يقول: عشرة؛ لكن العدد اثنان باتفاقنا معهم ليس تواترًا. الرسول ﵊ أقام الدين كله في اليمن بـ معاذ وأبي موسى الأشعري، واتفق المسلمون لا خلاف بينهم أن حاكم المسلمين لو أرسل رسوله إلى بلد ما، وعرض عليهم الإسلام فرفضوه، ورفضوا دفع الجزية أنه يغير عليهم، ولكانوا كفرة، وهذا واحد، لكن هؤلاء وضعوا هذا الأصل ليصدوا عن أنفسهم جيوش أدلة أهل السنة والجماعة، وصاروا يقيمون شبهًا عقلية تنطلي على من ليس من أهل العلم؛ لذلك حدث من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، بل إنه حدث من الاختلاف شيء لا تصدقونه من هوله، عندما تقرءون كتب الفرق، هذا كله بسبب البدعة، فهي أخطر ما يكون؛ لذلك يجب علينا أن نهجر أهل البدع، مع مراعاة المصالح والمفاسد، يجب علينا أن نهينهم ولا نعظمهم، ولا نكبرهم ولا نثني عليهم، وقضية المصالح والمفاسد تحتاج إلى وقفة طويلة، لكن ليس هذا وقته؛ لأن بعض الناس ممكن يدخل من باب مراعاة المصالح والمفاسد ويهدم الحكم كاملًا. الحل، نحن نشبه بالإسلام لفظًا، ونشبه تطبيق المسلمين عملًا، بمثلث حاد الزاوية، تصوروا معي هذا المثل هو النقطة، ثم بعد ذلك تشد هذين الضلعين إلى هذه النقطة، والنقطة التي وضعناها هي برأس القلم على رأس هذا المثلث، ذاك زمان النبي ﷺ نقطة لا أبعاد فيها، فإن كان فيها أبعاد فهي قليلة صغيرة جدًا، بخلاف الذي كان موجودًا بابتعاث الرسول ﵊ فهو خلاف سهل وسرعان ما ينتهي، ابدأ وانزل بالضلعين من عند النقطة تبدأ المسافة تتسع بين الضلعين، تحت رأس المثلث مباشرة، ولاحظ أن المسافة أيضًا لا زالت صغيرة، إنما تزداد المسافة بُعدًا كلما نزلت كثيرًا عن رأس المثلث. إذًا كلما ابتعدت عن رأس المثلث، ازداد البعد بينك وبين هذا الدين، إذًا ما هو الحل؟ أن تصعد إلى رأس المثلث، فكلما صعدت إلى فوق قلَّ الفارق، لذلك نحن نؤكد على ضرورة الرجوع إلى القرون الثلاثة الأولى، خذوا منهم الفتوى في كل شيء: عقيدة، وحكمًا، حلالًا وحرامًا. إن كثيرًا من المتأخرين الذين لم يذوقوا طعم الرجوع إلى هذه القرون الماضية بفتاواهم هذه، إنما يباعدون ما بين المسلمين وما بين النص الشرعي. لذلك إذا أردت أن ترجع اصعد إلى فوق، وعليك بالعلو، لذلك أيها الإخوة! البدعة من أخطر ما يكون على هذا الدين، فهي معولُ هدمٍ، صاحب البدعة أولى بالهجر من صاحب المعصية، صاحب المعصية لعله يرجع، صاحب البدعة قل له: هذه بدعة، وتلطف في عرض الحق، فإذا ما ظهر لك أن هذا الرجل مستمر في غيه، لا يريد أن يرجع إلى الحق، حينئذٍ يجب عليك أن تهجره. أيها الإخوة! الكلام طويل طويل! وبالذات في مسألة البدعة، وهذه رءوس أقلام، وأنا أنصح بمطالعة كتاب: الاعتصام للإمام الشاطبي، وهذا الكتاب أولى أن يدرس في المساجد وأن يبسط؛ لأن عبارات الإمام الشاطبي أحيانًا تكون مغلقة، فهي عبارات قوية، هذا الكتاب يحتاج إلى تبسيط، وإلى حسن عرض على المسلمين؛ لأن المسلمين لو فقهوا كتاب: الاعتصام سيعرفون حد البدعة، بالذات البدعة الإضافية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

1 / 7