Athar Marfuca
الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة
Bincike
محمد السعيد بسيوني زغلول
Mai Buga Littafi
مكتبة الشرق الجديد
Inda aka buga
بغداد
كَانَ يَشْتَرِي كُتُبَ السِّيرَةِ فَيَرْوِيهَا مَا سَمِعَهَا مِنَ أَبِيهِ وَلا بَعْضهَا انْتهى.
وَمِنْهَا: مَا يَذْكُرُونَهُ فِي ذِكْرِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيّ أَن نور مُحَمَّد خُلِقَ مِنْ نُورِ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَةَ صَارَتْ مَادَّةً لِذَاتِهِ الْمُنَوَّرَةِ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ قَبْضَة من نوره فخلق من نُورَهُ، وَهَذَا سَفْسَطَةٌ مِنَ الْقَوْلِ، فَإِنَّ ذَاتَ رَبِّنَا ﵎ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَادَةً لِغَيْرَةٍ وَأَخْذُ قَبْضَةٍ مِنْ نُورِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْهُ جُزْءٌ فَجَعَلَهُ نُورَ نَبِيِّهِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْتَجَزِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتْبَعَهُ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ.
وَالَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ الظَّلْمَاءِ هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَةٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ الأَشْيَاءِ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ! إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُورُ نَبِيِّكَ مِنْ نُورِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ النُّورِ يَدُورُ بِالْقُدْرَةِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْحٌ وَلا قَلَمٌ وَلا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ وَلا مُلْكٌ وِلا سِمِاءٌ وَلا أَرْضٌ وَلا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ وَلا جِنِّيٌ وَلا إِنْسٌ. الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ أخطأوا فِي فَهْمِ الْمُرَادِ النَّبَوِيِّ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ كَالإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ ونفخت فِيهِ من روحي وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قِصَّةِ سَيِّدِنَا عِيسَى وَرَوْحٌ مِنْهُ، وَكَقَوْلِهِمْ بَيْتُ اللَّهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسَاجِدُ وَقَوْلِهِمْ رَوْحُ اللَّهِ لِعِيسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَإِشْعَارٍ بِأَنَّهُ خَلْقٌ عَجِيبٌ، وَأَنَّ لَهُ شَأْنًا لَهُ مُنَاسَبَةٌ مَا إِلَى الْحَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَنَفَخَ فِيهِ من روحه، وَهِيَ بَيَانِيَّةٌ أَيْ مِنْ نُورٍ هُوَ ذَاتُهُ لَا بِمَعْنَى إِنَّهَا مَادَةُ خَلْقِ نُورِهِ بَلْ بِمَعْنَى تَعَلُّقِ الإِرَادَةِ بِهِ بِلا وَاسِطَةِ شَيْء فِي وجوده. انْتهى.
1 / 42