ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، فقال:
﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (^١).
وقد أكد رسول الله ﷺ أهمية التفقه في الدين بقوله: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (^٢).
حيث بين أن التفقه في الدين من أمارات إرادة الخير بالمرء.
ولما كان علم الفقه في دين الله بهذه المثابة المرموقة والدرجة الرفيعة كان من أولى ما اشتغل به المحققون، وأنفع ما استفرغ الوسع في تحصيله المحصلون، وأجدر ما بذل الجهد في إدراكه المجتهدون.
وقد عرف علماء الإسلام منزلة هذا العلم العظيم، واحتياج الناس إليه في كل الحالات؛ لما به من معرفة الحلال من الحرام، والتمييز بين الجائز والممنوع من الأحكام، فصرفوا في سبيل تحصيله الغالي والنفيس، واشتغلوا بدراسته وتدريسه وتأليف الكتب فيه، وبيان قواعده وضوابطه، ليلًا ونهارًا، وجِيلًا بعد جِيل، فوصل إلينا من جهودهم الحميدة إنتاج علمي فقهي عظيم، امتاز بالبهاء والصفاء والدقة، شاملًا لجميع نواحي الحياة، وكافة المستويات،