الشيء نفسه يمكن قوله عن الحضارة الغربية التي لم تظهر فجأة، بل تكونت خلال قرون كثيرة حتى بلغت أوجها في عصرنا الحاضر وذلك نتيجة التفاعل الحضاري مع حضارات أخرى هيلينية ورومانية وغيرها، وبفعل التراكم التاريخي وعمليات متفاعلة من التأثر والتأثير خلال التاريخ الإنساني الحديث. إن أكبر دليل على أن الحضارة الإسلامية لم تسع في أي وقت من الأوقات إلى التصادم مع الحضارة الغربية، هو أن العرب والمسلمين لم يضعوا في أي زمن من الأزمان صوب أهدافهم القضاء على خصوصيات الحضارة الغربية وهويتها الحضارية(1) .
المطلب الثالث : نماذج عملية من سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم - :
إليك هذه النماذج الطيبة من سيرة النبي ، والتي تبين كيف كان النبي يحاور الحضارات والأمم الأخرى، يدعوها إلى كلمة سواء .
فبعدما عقد النبي - صلى الله عليه وسلم -هدنة بينه وبين مشركي مكة الذين حاربوه على مدار ثمانية عشر عاما أو أكثر ، استغل النبي - صلى الله عليه وسلم -هذه الهدنة في مراسلة زعماء وأمراء وملوك العالم ..للحوار والتواصل والتعريف بدعوة الإسلام.. مركزا في خطاباته على قيم السلام وحرية الاعتقاد، نرى ذلك جليا في محتوى هذه الرسائل ..
هذا، ولنتأمل أحد هذه النماذج المشرقة، ولتكن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الملك المقوقس .. فكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جريج بن متي الملقب بالمقوقس ملك مصر والإسكندرية، رسالة نصها :
Shafi 6