256

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Nau'ikan

وأحب أن أسجل هنا كذلك، أني ترددت فيما نصحني به حضرات الأساتذة من رفع بعض المسائل التي ثار من أجلها الخلاف، فلم أرفع منها شيئا، وإنما أضفت إليها بعض البيان، فليس على لجنة الامتحان أية مسئولية، وإنما أنا وحدي المسئول. •••

أما بعد فإني أسأل الله أن يجزيني بفضله على ما قدمت في سبيل العلم والدين من صادق الجهود، وإليه وحده أرفع الرجاء، فقد مني الناس بالجحود، ونكران الجميل.

ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار * ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد .

1

الإسلام والأخلاق

2

يقول المرجفون إني قررت أن الدين الإسلامي دين فتح لا دين أخلاق. ولولا ضعف ملكة النقد في مصر لما شاعت هذه الأكذوبة ، ولما وجدت من يتلقاها بالقبول. فليس من الجائز أن رجلا مثلي قضى في الأزهر خمسة عشر عاما يحكم بين الجماهير في دار الجامعة المصرية بأن الدين الإسلامي ليس دين أخلاق، وهو يعلم على الأقل أنه يجد معارضين أشداء من طلبة الأزهر وعلمائه، وقد حضر منهم يومئذ عدد غير قليل.

وهأنذا أشرح للقراء أصل هذه الأكذوبة التي تناقلها الناس، ليعلموا إلى أي حد يجرؤ المتقولون على تشويه الأحاديث!

قلت في رسالتي: «إن ما كتبه الغزالي عن التوكل صريح في الدعوة إلى الرهبنة، وقطع العلائق مع الناس، والتدرج على احتمال الظمأ والجوع، والاقتناع بأن الموت من جملة الأرزاق» فلما سألني حضرات الأساتذة الممتحنين عما يؤيد هذا الحكم من كلام الغزالي، قدمت لهم قوله: «فإن قلت فما قولك في القعود في البلد بغير كسب: أهو حرام أو مباح أو مندوب؟ فاعلم أن ذلك ليس بحرام، لأن صاحب السياحة في البادية إذا لم يكن مهلكا نفسه، فهذا كيف كان لم يكن مهلكا نفسه، حتى يكون فعله حراما، بل لا يبعد أن يأتيه الرزق من حيث لا يحتسب ولكن قد يتأخر عنه، والصبر ممكن إلى أن يتفق. ولكن لو أغلق باب البيت على نفسه بحيث لا طريق لأحد إليه ففعله ذلك حرام، وإن فتح باب البيت وهو غير مشغول بعبادة فالكسب والخروج أولى له. ولكن ليس فعله حراما إلى أن يشرف على الموت، فعند ذلك يلزمه الخروج والسؤال والكسب».

وهنا لا أكتم القارئ أني حملت على الغزالي حملة شديدة ورميته بجهل أسرار الدين، وسخرت من الآداب التي وضعها للمتوكل حين يخرج من بيته: إذ يدعوه إلى أن لا يترك في البيت متاعا يحرص عليه السراق، وإلى أن لا يحزن إذا سرق متاعه بل يفرح إذا أمكنه، وإلى أن لا يدعو على السارق الذي ظلمه بالأخذ، فإن فعل بطل توكله ودل على تأسفه على ما فات، ويدعوه إلى أن يغتم لأجل السارق وعصيانه وتعرضه لعذاب الله، ويشكر الله إذا جعله مظلوما ولم يجعله ظالما!

Shafi da ba'a sani ba