ومما يبين عن أثر العالم في عصره تلامذته وأصحابه: فهم في علمهم وأدبهم أثر من آثاره. وقد أثر الغزالي تأثيرا حسنا في جمهور كبير من تلامذته وأصحابه، ذكرهم الزبيدي، منهم القاضي أبو نصر أحمد بن عبد الله الخمقري (نسبة إلى خمس قرى التي تعرف بسيخ رية) ولد سنة 466 وتوفي سنة 544ه. ومنهم الإمام أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد بن برهان - بفتح الباء - ولد سنة 476 وتوفي سنة 518. ومنهم أبو منصور محمد بن إسماعيل بن القاسم الطوسي توفي سنة 486. ومنهم أبو سعيد محمد بن أسعد بن محمد النوقاني قتل في مشهد علي بن موسى الرضى سنة 554 في واقعة النفر. ومنهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن تومرت المصمودي الملقب بالمهدي صاحب دعوة سلطان المسلمين عبد المؤمن بن علي ملك المغرب، دخل الشرق وتفقه على الغزالي. ومنهم أبو حامد محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقاني الإسفراييني. ومنهم أبو سعيد محمد بن علي الجاواني الكردي حدث بكتاب «إلجام العوام» للغزالي عنه. ومنهم الإمام أبو سعيد محمد بن يحيى بن منصور ولد سنة 476 وهو من أشهر تلامذة الغزالي، تفقه عليه وشرح كتابه «البسيط».
وما أريد أن أطيل في هذا الباب، وإنما أنص هنا على أن تلامذة الغزالي أحدثوا أثرا كبيرا في الحياة الإسلامية، وأكثرهم ماتوا شهداء، وليس اشتراك العلماء في الحركات العامة، إلا أثرا لقوتهم المعنوية، وإيمانهم بما يدعون إليه. وأنص أيضا على أن تلامذة الغزالي لم يعرفوه غالبا إلا بمؤلف الإحياء، فهم لم يصحبوه لمؤلفاته في الفقه أو المنطق أو الأصول، وإنما صحبوه على أنه داع إلى الله، ومرشد لمكارم الأخلاق. (4) مؤلفاته وفتاواه
ومما يدل على مبلغ تأثير الغزالي في الحياة الإسلامية عناية الناس بمؤلفاته وفتاواه، فإنا نجد مثلا كتابه الوجيز في الفقه وضع له نحو سبعين شرحا كما قال الزبيدي، وقد قيل: لو كان الغزالي نبيا لكان معجزته الوجيز! وممن شرح هذا الكتاب الفخر الرازي وأبو الثناء محمود بن أبي بكر الأرموي. والعماد أبو حماد بن يونس الأريلي وأبو الفتوح العجلي، وأبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي، وقد اختصر النووي من شرح الرافعي كتابا سماه الروضة، وأخرج أحاديثه ابن الملقن في سبع مجلدات، سماه البدر المنير، ثم اختصره في أربع مجلدات وسماه الخلاصة، ثم لخص جزءا، وسماه المنتقى. ولخصه أيضا الحافظ ابن حجر، وشرح الوجيز أيضا البدر الزركشي، والبدر بن جماعة، والشهاب البوصيري، والجلال السيوطي.
ونجد أيضا كتابه «الوسيط» في الفقه، شرحه تلميذه محمد بن يحيى النيسابوري شرحا سماه «المحيط» في ستة عشر مجلدا، وشرحه نجم الدين أحمد بن علي بن الرفعة في ستين مجلدا وسماه «المطلب» وشرحه النجم القمولي وسماه «البحر المحيط»، وشرحه عدد غير هؤلاء ذكرهم الزبيدي في ص43 ج1 شرح الإحياء.
وقال عمر بن عبد العزيز بن يوسف الطرابلسي يمدح كتبه الأربعة في الفقه:
هذب المذهب حبر
أحسن الله خلاصه
ببسط ووسيط
ووجيز وخلاصه
ونجد كذلك كتابه «المستصفى» في الأصول موضع عناية العلماء، فقد اختصره أبو العباس أحمد بن محمد الأشبيلي المتوفى سنة 651ه. وشرحه أبو علي الحسن بن عبد العزيز الفهري المتوفى سنة 776ه. وعليه تعليقات لسليمان بن داود الغرناطي المتوفى سنة 832ه.
Shafi da ba'a sani ba