180

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Nau'ikan

والغزالي كان أستاذا في المدرسة النظامية، وكان يختلف إلى درسه ثلاثمائة من التلاميذ، وكان له بالطبع زملاء، وكان لهؤلاء الزملاء تلاميذ، فمن البعيد أن لا تكون هذه الحركة ألهمته البحث في التعليم من حيث إنه مهنة، وهو قد ابتلي بمهنة التعليم!

ولقد تكلم الغزالي عن التعليم، وأطال في كتاب الإحياء، وتكلم عنه في الإملاء على ما أشكل من الأحياء، وذكر أنه (أفضل من سائر الحرف والصناعات) وبين وجه هذه الأفضلية بالتفضيل.

وكل ما تقيد به هذه الحرفة فيما يرى أنه يجب أن يقصد بها وجه الله، ويقول في ذلك: «وإنما المعلم هو المقيد للحياة الأخروية الدائمة، أعني معلم علوم الآخرة، أو علوم الدنيا على قصد الآخرة، لا على قصد الدنيا، فأما التعليم على قصد الدنيا فهو هلاك وإهلاك نعوذ بالله منه».

1

وعلوم الدنيا هي في رأيه ما يشمل الطب والحساب والهندسة وتقويم البلدان، وعلى الجملة كل ما عدا العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. فالذي يعلم علوم الدنيا هذه هو بلا شك محترف. ويكفي أن يقصد بتعليمه الآخرة، ليكون من الناجين.

أضف إلى هذا أن الغزالي - لورعه- يشبه العلم بالمال، فكما أن لصاحب المال حال استفادة، وحال ادخار، وحال إنفاق على نفسه، وحال بذل لغيره، وهو أشرف أحواله، فكذلك لصاحب العلم حال طلب، وحال تحصيل، وحال استبصار، وحال تبصير، وهو أشرف الأحوال.

والتبصير هو التعليم، والغزالي لا ينكر أن يكون المرء معلما، فقد كان من المعلمين، وإنما يطالب المعلم بتعليم علوم الآخرة. أو علوم الدنيا على قصد الآخرة، وسترى فيما يذكر من آداب المعلم عدم أخذ الأجر، ولكن هذا لا يقدح في نظره إلى التعليم كمهنة، فإنه يكفينا أن يدرك أن التعليم صناعة، تحتمل الإجادة، كما تحتمل القصور، وإنه يجب على المعلم كيت وكيت، ليحسن أداء مهمته، على وجه نافع مقبول.

وقد وضع للمعلم الآداب الآتية: (1)

أن يشفق على المتعلمين، ويجريهم مجرى بنيه. ويقول الغزالي في توابع هذه البنوة: وكما أن حق أبناء الرجل الواحد أن يتحابوا ويتعاونوا على المقاصد كلها، فكذلك حق تلامذة الرجل الواحد، التحاب والتواد. (2)

أن يقتدي بصاحب الشرع، صلوات الله عليه وسلامه، فلا يطلب أجرا على إفادة العلم، ولا يقصد به جزاء ولا شكورا. (3)

Shafi da ba'a sani ba