موافقة القيام في القيام، إذا قام واحد منهم في وجد صادق من غير رياء وتكلف، أو قام باختياره من غير وجد، وقامت له الجماعة، فلا بد من الموافقة، رعاية لأدب الصحبة.
وهناك أدب خامس وضعه الغزالي خاصا بالشيخ المرشد، وهو ملاحظة المريدين، فينبغي أن لا يسمع في حضورهم، إذا كان فيهم من لم يدرك من الطريق إلا الأعمال الظاهرة، ولم يكن له ذوق السماع، أو رزق ذوق السماع، ولكن فيه بقية من الحظوظ والالتفات إلى الشهوات، والصفات البشرية، أو كسرت شهوته، وأمنت غائلته، وانفتحت بصيرته، واستولى على قلبه حب الله، ولكنه لم يحكم ظاهر العلم، ولم يعرف أسماء الله وصفاته، وما يجوز عليه وما يستحيل.
الرقص
وقد رأينا الغزالي يبيح الرقص، ولكن أي رقص؟ هو ما يجري في مجالس الغناء الذي قصد به الحث على العمل للآخرة، وما نحسبه يمنع أن يرقص الرجل في مجلس تغنيه فيه امرأته أو جاريته. وعلى كل حال فلنسجل هنا أن الرقص والغناء يجب فيما يرى الغزالي أن يكونا بعيدين كل البعد عن مثار الشهوات. وما نريد أن نفصل أثر هذا التحرج في حياة الأمم، وإنما ننبه فقط أن الغزالي يضع حول الشهوة أسوارا من حديد، ولا تخرج الأخلاق عنده إلا رجالا مملوئين بالحيطة، قد بغضت إليهم بسمات الحياة، وقلما ينجح هؤلاء في ميدان الحياة لأن التنسك باب الخمود.
النقش والتصوير
أراد الغزالي أن يذم (الطب، والحساب، واللغة، والشعر، والنحو، وفصل الخصومات، وطرق المجادلات) بسبب ما تورث من الكبر، فلم يزد على أن قال: «وهذه بأن تسمى صناعات أولى من أن تسمى علوما».
3
إذن الصناعات دون العلوم، وإنما كان الطب والحساب إلخ من الصناعات، لأن العلم فيما يرى الغزالي هو ما يوصل إلى الآخرة، وما يخص الدنيا فهو صناعة. وقد نص على أن من الصناعات ما هي مهمة، ومنها ما يستغنى عنها لرجوعها إلى طلب التنعم والتزين في الدنيا. من أجل ذلك حض المسلم على أن يشتغل بصناعة مهمة، ليكون بقيامه بها كافيا عن المسلمين مهما في الدين. ثم قال:
وليجتنب صناعة النقش والصياغة، وتشييد البنيان بالجص، وجميع ما تزخرف به الدنيا، فكل ذلك كرهه ذوو الدين.
4 «وقد عد بيع أشكال الحيوانات المصورة في أيام العيد لأجل الأطفال منكرا تجب إزالته، والصور التي تكون على باب الحمام أو داخل الحمام تجب إزالتها على كل من يدخله إن قدر، فإن كان الموضع مرتفعا لا تصل إليه يده فلا يجوز له الدخول إلا لضرورة، وليعدل إلى حمام آخر، فإن مشاهدة المنكر غير جائزة. ويكفيه أن يشوه وجهها ويبطل به صورتها».
Shafi da ba'a sani ba