Akhlaq al-Shabab al-Muslim
أخلاق الشباب المسلم
Mai Buga Littafi
الجامعة الإسلامية
Lambar Fassara
السنة الأولى،العددالثاني
Shekarar Bugawa
رجب١٣٨٨هـ/تشرين أول ١٩٦٨م
Nau'ikan
الله سبحانه أنه خلق الخلق لغرض واحد يعود عليهم بالخير والسعادة، وذلك الغرض هو عبادته وحده لا شريك له، وهو غنيٌّ عن العالمين، وهم محتاجون إليه، فمن اشتغل بالغرض الذي خلقه الله لأجله فقد أفلح وسعد ورشد واهتدى، وقد ضمن الله رزقه يأتيه من حيث لا يدري، ومن لم يثق بوعد الله، وشغله طلب الرزق عما خلق له شتت الله شمله، وأكثر همّه، ولم ينل من الرزق إلاّ ما قدّر له.
٥- قوله: "هشام عن أبيه" يعني عروة بن الزبير بن العوام، "كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا" المراد بالطرف: نفائس الأموال التي يندر مثيلها، فإذا رجع إلى أهله ودخل بيته ولم ير فيه تلك النفائس التي رآها في بيوت أهل الثراء المترفين يتلو قوله تعالى: ﴿وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾ الآية.
قال ابن كثير في تفسيره: "يقول الله تعالى لنبيه ﷺ: "لا تنظر إلى ما فيه هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم من النعيم، فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة، ليختبرهم بذلك أَيَشْكرون أم يكفرون، وقليل من عبادي الشكور، وقال مجاهد: ﴿أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾: "يعني الأغنياء"، فقد آتاك الله خيرا مما آتاهم، وكذلك ما ادّخره الله تعالى لرسوله ﷺ في الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف، كما قال تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾، ولهذا قال: ﴿وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ " اهـ.
أقول: في هذا الخطاب تزهيد للنبي ﷺ ولأمته في الدنيا وزخارفها وإبعاد لهم عن الافتتان بزهرتها وزينتها، لأنّ من فتن به أهلكته وشغلته عن ذكر الله، وهذا مع العلم بأنّ النبي ﷺ كان رئيس الدولة وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، والأموال كلها بيده، ولكنه كان زهدًا فيها، مفضّلًا التقشف في المعيشة طوعًا واختيارًا لا حاجة واضطرارًا، فكان ينام على الحصير حتى يؤثر في جسمه الشريف، وكان يمر الشهر والشهران لا توقد النار في بيته، وإنما يعيش هو وأهله على الماء والتمر كما في حديث عائشة في الصحيحين، فكان عروة بن الزبير إذا دخل بيته يعظ نفسه وأهله بهذه الآية وينادي فيهم: "الصلاة الصلاة"، ففي الصلاة نعيم وقرّة عين للمتقين كما قال النبي ﷺ: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، والمراد بقرة العين: "الفرح والسرور".
٦- قوله: "إذا أصابه خصاصة" أي حاجة وضيق في المعيشة، أمر أهله بالصلاة امتثالا لأمر الله تعالى؛ لأن الصلاة تعين كل محتاج، وتفرّج كربه كما قال تعالى في سورة (البقرة: ١٥٣): ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة﴾، وهذه سنة سائر كل الأنبياء إذا نزل بهم أمر يكرهونه يفزعون إلى الصلاة فيدفع الله عنهم بها كل مكروه، ويبدلهم بالعسر يسرا، وبالضيق سعة، وبالشدة رخاء، وهكذا ينبغي للمؤمنين الصادقين - شبابا كانوا أم كهولا أم شيوخا - أن يفعلوا إذا نزل بهم ما يكرهون أن يستعينوا
1 / 24