فقلت لها: ولماذا لم تتنكري ما دمت لا تطيقين الظهور؟
فقالت: وكيف أتنكر يا رجل؟! أألبس ثياب المهرجين؟
فقلت: لا، أنت غير مستورة، ستر الله عليك وعلينا، بهذه البودرة وأحمر الشفاه والخدود والأظافر، وأنا ضمين لك، إذا تخليت عنها، تنكرت فلا أحد يعرفك. لقد غرقت يا مولاتي بالكماليات فأصبحت محتاجة إلى الضروريات، لطف الله بك وبأولادك ... أليس لك يد في الدواوين؟ فقد قرأت أنهم يصرفون للعيال المستورة مبالغ محترمة وأنت منها، فأسرعي قبل أن يفوت الأوان.
فتأوهت وقالت: يا حسرتي ولى الزمان وفاتنا.
فقلت لها: يا ميجنا يا ميجنا يا ميجنا. هذه أحوال الدنيا يا أم فلان، أنت لست من العيال المستورة، ولو كنت صنت بيتك ولم تجعلي منه مأوى للمستهزئين، ولم تنفقي ما أنفقت على الذين أكلوا الطعم و... لما سقطت في هذه الهوة.
لم يعد ينفعك هذا الظهور الذي لا تتنازلين عنه، فاعملي واقتصدي، الزمي بيتك واعملي منذ الغد، فليس العمل عارا، ولكن العار هو أن تسألي الناس.
وبعد، فلماذا هذا الهوس بالمدارس الأجنبية، ابنك في الصفوف الثانوية، ولدى الحكومة مدارس مجانية من هذا الصنف. ابنك في الصفوف الابتدائية والحكومة أعطت المدارس المجانية ملايين فاستفيدي منها، ادخري حلاك إلى أزمة أشد. ولكن آفة العيال المستورة أنها لا تريد أن تنزل عن مستواها مقدار شعرة.
ترى المدارس الأجنبية أرفع وأسمى من مدارس بني جنسها، وتريد أن تخفي جراحها ولا تعالجها، وهذا هو عين الخطأ. فامحي من ذهنك صور أرستقراطيتك تفلحي.
إنه شبح عظمة الأجنبي الموهومة لا يفارق مخيلتنا. أتقولين لي: أي فرق بينك وبين أولئك الشحاذين الذين يدورون على بيوت الناس، وفي أيديهم «مناشير من البطاركة والمطاردين» يحثون بها الناس على معونتهم وإسعافهم؟
أما كان أولى بأولئك السادة أن يبذلوا لهم العطاء من مال الأوقاف الذي يتنعمون به، ولا يكلفوا الناس الإحسان حياء؟
Shafi da ba'a sani ba