إن بعض شبابنا يصح فيهم ما قال نجيب الحداد في المقامرين:
قد اختصروا التجارة من قريب
فعدم في الدقيقة أو يسار
فأصحابنا، بل أحبابنا التلاميذ مستعجلون جدا. ولا عجب في ذلك، فالعصر عصر السرعة ...
إنهم يريدون الشهادة من أقرب الطرق، وإلا تمثلوا بقول امرئ القيس: «نحاول ملكا أو نموت فنعذرا!»
لا يا حبيبي، الروح عزيزة ومن يدريك أو يدرينا أنك لا تكون في المستقبل السيد الذي يرفع رأس وطنه عاليا كأكثر الذين نتحدث عنهم حتى نطحت رءوسهم السماء وغابت وراء الغيوم؟ فحتى يهون عليك الأمر، ولا تستصعب رسوبك، ادرس سير نوابغ العالم، فقد تجد بينهم من رسب مثلك وخرج إلى العالم وليس في يده السلاح الماضي الحدين الذين تحلم به.
يعجبني في هذا المقام أن أسرد على مسمعك حكاية أب استعجل الوصول إلى البيت قبل أن يحدق به الظلام. كان في طريقه نهر شتوي طائف. فبدلا من أن يدور الدورة حتى يصل إلى الجسر، شمر عن ساقيه وقودم، فمضت به الحامولة إلى البحر وترك أما وطفلا رضيعا.
ولما درج الطفل وشب، سأل أمه في إحدى ليلات كانون التي يحلو فيها السمر عن أبيه الذي لم يعرفه، فقالت له: قلت لك فيما مضى: والدك غائب وسيعود، أما الآن، وقد صرت بالغا رشيدا، فمن حقك أن تعرف أن أباك مات، والموتى لا يرجعون.
فوجم الفتى هنيهة، ولكنه أراد أن يعرف كيف مات أبوه، فأجابته أمه: كان في المدينة، وعندما رجع كان النهر طائفا، والجسر بعيد، فخاطر وقطع، وكانت النهاية.
فقال الفتى: ولماذا لم يذهب إلى الجسر؟
Shafi da ba'a sani ba