ولكي نقطع الطريق على هموم الغد يجب أن نوزع عملنا على أيامنا، ولكي ننفذ علينا ألا نبقي أمامنا أو في متناولنا إلا ما نخصصه لعمل نهارنا، وبهذا نبعد عنا الهم والخوف من أعمالنا الكثيرة.
خاف أحد تلاميذي من برنامج صف الفلسفة فصار يحوم حول تلك الكتب ولا يجرؤ على مد يده إلى أحدها، وخصوصا فلسفة التاريخ الطبيعي. فقلت له، بعدما كاد ييأس: باشر، فقد ذهب الوقت.
فأجابني : أرأسي مخزن حتى يسع كل هذه الكراريس؟
فتركته ورحت أفتش عن حل لمعضلته وقد تجسد أمامي مستقبله الضائع إذا ظل في هذا الخوف. ومع الصبح غدوت إليه غدوة امرئ القيس، فوجدته لم يشرع بعد في عمله، وما زالت كتبه مرصوفة على المكتب أمامه.
فقلت له: خذ واحدا منها وبادر.
فقال: أي كتاب آخذ؟
قلت: خذ كتاب التاريخ الطبيعي، وابدأ، فمثلنا يقول: العتبة نصف الدرب.
فأجابني: لو كنت اخترت الهرم الأصغر لكانت نصف مصيبة.
فقلت له: إننا نصير الهرم الأكبر أقل كثيرا من الأهرام الصغيرة.
وتناولت كراسا من تلة تلك المجموعة وقلت: ألا تستطيع حفظ هذه الوريقات بيومين؟
Shafi da ba'a sani ba