السعادة تحقيق الأمل، والأمل ابن الطمع، والطمع بحر أزلي لا ينضب ولا يتبخر.
السعادة شبع النفوس الجائعة والنفوس لا تشبع. تجري المادة وراء السعادة، وراء ذلك الخيال، فلا تجده إلا بموت الآمال، ولا تموت الآمال إلا بالموت، وهل من سعادة في ظلال الموت؟
العين والسعادة فرسا رهان، من رأى تمنى، ومن تمنى قد ينال، ومن نال ما ينال تمنى ما لا ينال، فلا سعادة لذي عينين.
وبعد تفكر قليل نهضت إلى عملي ولم أعد أسمع إلا عويل المادة بين مخالب العدم، فما أمر اليقظة وأقسى جبار الأبدية والأزل.
إلى المرأة
يا سيدتي:
لا تصدقيني إن قلت لك: أمسيت لا يعنيني أمر المرأة، لا يا سيدتي، فأنت دائما في البال، ولا تبرحين من دنيا الخاطر، ولو صار الجسم حطبا ... فأنت الأم ومن ينسى أمه؟! وأنت الأخت ومن ينسى حنان أخته ومحبتها؟! وأنت رفيقة الحياة، ومن ينسى رفقة عمر أتت ثمارها وأكلها ذرية صالحة يتألف من خيوطها العلم الذي هو عنوان الوطن؟!
وقبل وبعد، فأنت، منذ تكون العالم، بحسب رواية من شئنا - من موسى حتى داروين - كنت تسيرين إلى جانب الرجل، يدك في يده. في الكهف كنت إلى جانبه تحتملين مثله شظف العيش وتجرين في مضمار الحياة، محاولة بلوغ الغاية، وفي القصور اتكأت على الخز والديباج، وجعلت بيتك جنة ذات حور وولدان، فلولاك أيتها الأم، والأخت، والزوج، والبنت، كان الوجود عبئا ثقيلا، وكانت الأرض جهنم حمراء.
تقول التوراة: إن يهوه رأى الوجود ناقصا حين خلق آدم، فخلق المرأة، فسد وجودها ذلك الفراغ الذي أحس به المبدع الأسمى والناقد الأول.
وهكذا تكون المرأة ذلك الوتر الذي تمت به آلة التكوين الشجية الألحان، ولولا هذا الوتر الطريف لظلت شوهاء جوفاء، لا ترسل النغم الرخيم الذي يشرد الأحزان ويبدد ظلمات الأشجان، وما أكثرها في دنيانا.
Shafi da ba'a sani ba