فاقتص عشرا بعشر إن الجروح قصاص حدثنا أبو الفضل الربعي، حدثني أبي، حدثني بعض أصحابنا الهاشميين، قال: سألت إسحاق بن سليمان بالبصرة عن سبب حبس الرشيد له وإطلاق محمد له في خلافته، قال: وشى بي حاسد إلى الرشيد فخبره بأنه سمعني وأنا أقول: إذا مضت سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة، ضعفت دولتنا حتى يطمع فيها من لم يكن يطمع، فلا تزال تزداد ضعفا حتى تمضي سنة سبعين ومائتين للهجرة ثم تتراجع قوتها وجدتها، فدعاني، فقال: لم تخرج أسرارنا وأسرار دولتك؟ لست أعاقبك بأكثر من الحبس، فأمر بحبسي، فلما ولي محمد بعده أمر بإطلاقي، وتقدم أن لا أقيم في جواره حدثنا أبو علي محرز الكاتب، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن مخلد، يقول: أنبا مسلم بن جميل، وكان يحزن للبرامكة، قال: لما قتل جعفر بن يحيى نظر إليه دقاقه قتيلا فقال: كان والله يا أمير المؤمنين يجهل قدر النعم على بعض العرب، وعصبية على النسب، فقال له الرشيد: أين كانت للآخر من كلامك إنها للمقدمة عندك، ثم أقبل على العباس بن محمد، فقال: قل فيه يا عم، قال: يا أمير المؤمنين وما عسى أن أقول فيه؟ عبد غرته نعمتك بغير شكرك فأذاقه الله بأسك، فأقبل على علي بن سليمان، فقال: قل فيه: فذكرت أعرف خاصتك به وموقعه منك، قال: كان ذاك يا أمير المؤمنين وهو صفوة نفسك ومصون أنسك، فلما غمط النعم توطأته النقم حدثنا الفضل بن الحسين الأهوازي، أنبا محمد بن الحكم السلولي، أخبرني أبي، قال: كتب علي بن عيسى بن ماهان إلى الرشيد أنه وجد الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك قد عمر بيوت النيران بخراسان وأقام لها السدنة، ووكل بها المهنة، ورمى بالكتاب، فلما قرأه التمع لونه، فقال له الرشيد: لا عليك فإن علمي بيان بما طالب، يذهب عنك مكروه ما كتبت، فاكتب إليه كتابا يجمع في حاشيتيه تأنيب المتعطف وإيعاد المتوقف، فقال جعفر: والله يا أمير المؤمنين ما أدري على أي النعمتين أقدم الشكر، على علمك أم على أدبك، ثم دعا بدواة وقرطاس، وكتب إليه: حفظك الله أبا يحيى وحبب إليك الوفاء فقد أبغضته، وبغض إليك الغدر، فقد اجتبيته، إني التمست عند قراءة كتابك شيئا أشبهك به، فلم أجده فرجعت إليك فشبهتك به، وبعد، فإن تجر المقادير في أمرك بما تحب لم تعد ما تجمل، فلما أصلح الكتاب عرض على الرشيد فلما رأى ذلك الاقتضاب السريع والمعنى القريب استحسنه وتبسم، وأنشأ يقول:
من يذقن أمرا أنت فوق مرادهم ... تباع وهل يسطاع مس الكواكب
وأنفذ الكتاب إلى علي بن عيسى وكتب إليه بخبر المجلس وما دار فيه فقال: من يدافع السيل عن دره ليس للملك المقبل حيلة إلا الموافقة إلى أن تنقضي حدثنا الحسين بن الفهمي، أخبرني ابن أبي فاطمة ما كان في ناحية الظاهر هو وأبوه وولاؤهم لبني هاشم، قال: قال عبد الله بن طاهر: إن لكل شيء حياة وموتا فمما يحيي اللب محادثة الأولياء، وما يحيي الود محادثة الأوداء، ومما يحيي العز مظافرة الأعزاء، ومما يحيي الذل مظاهرة الأذلاء، ومما يحيي الشجاعة مصاحبة الشجعاء، ومما يحيي الكرم مواصلة الكرماء، ومما يحيي الحياء مناقبة أهل الحياء، ومما يحيي اللؤم معاشرة اللئام أخبرنا العنزي، ثنا دماذ، قال: كتب خلف الأحمر على الأسطوانة التي يجلس إليها:
صلى الإله على لوط وشيعته ... أبا عبيدة قل بالله آمينا
فقرأه أبو عبيدة فترك الجلوس بالمسجد حدثني أبو محمد الحدادي، حدثني خالي أبو هفان، قال: قال أبو الأصبغ بن ربعي الهذلي: طلبت أنا وأبي بن غصن وصباح بن خاقان ويحيى بن الأرقط وابن كهل وعبيد العاشقين مؤاجرا فأتينا بأبي نواس، فإذا غلام أحسن الناس وجها، وأملحهم قدا، يتثنى فشارطناه على ثلاثة أيام بدينار، ومضينا به فظللنا يومنا في سرور وطيب حتى إذا كان يوم الثالث جاء أعرابي إلى صباح يستحمله في حماله وعليه عمامة كأنها فسطاط، فخاف أبو نواس أن يحمل عليه فانحدر إلى البصرة، وانحدرنا بعده فجلسنا إلى باب أبي عمرو بن العلاء، فإذا بأبي نواس قد أقبل، فقلنا له: ويحك ما صنعت بنا؟ فقال: علي يومكم وقد قلت شعرا، فما كنا فيه، وما قلت شعرا قبله، وأنتم علماء هذا الشأن، فقلنا: وما قلت؟ قال:
كنت في قرة عيني ... مع أبي وحصين
وابن كهل وابن خاقان ... النجيب الأبوين
والفتى الأرقط يحيى ... وعبيد العاشقين
وابن ربعي الفتى السمح ... الجواد الراحتين
عندنا الصهباء صرفا ... في قوارير اللجين
ونداماى سادة ... كلهم زين لزين
ونغني حين نلهو ... لغريض وحنين
إذ أتى الله بأحد ... وكأحد مرتين
بفتى فظ غليظ ... ساقه الله لحيني
Shafi 1