وقد علم أيضا أن شيعة ذلك الوقت كانوا كلهم مشتركين في هذه الأحوال، وداخلين في هذه المساوئ إلا رجلين منهم، فإذا كان حال الصدر الأول والقرن الأفضل الذين هم قدوة لمن خلفهم من بعدهم وأسوة لأتباعهم ما سمعت ذكره، فكيف بأتباعهم؟ فويل لهم مما يكسبون.
الطبقة الثالثة: هم الذين اتبعوا السيد المجتبى السبط الأكبر وقرة عين البتول الإمام الحسن رضي الله عنه، بعد شهادة الأمير رضي الله عنه، وبايعه قدر أربعين ألفا على الموت، ورغبوه في قتال معاوية (رضي الله عنه) وخرجوا إلى خارج الكوفة، وكان قصدهم إيقاعه في ورطة الهلاك، وقد أزعجوه في أثناء الطريق بطلب وظائفهم منه، وظهر منهم في حقه سوء الأدب ما ظهر، كما فعل المختار الثقفي من جر مصلاه من تحت قدمه المباركة، وهو الذي كان يعد نفسه من أخص شيعته، وكطعن آخر بالسنان فخذ الإمام رضي الله عنه حتى تألم منه ألما شديدا.
فلما قامت الحرب على ساق، وتحققت المقاتلة، رغبوا إلى معاوية (رضي الله عنه) لدنياه وتركوا نصرة الإمام، مع أنهم كانوا يدعون أنهم من شيعته المخصوصين وشيعة أبيه، وأنهم أحدثوا مذهب التشيع وأسسوه. ذكر ذلك المرتضى في كتابه "تنزيه الأنبياء والأئمة" عند ذكر عذر الإمام الحسن عن صلح معاوية وخلع نفسه من الخلافة وتفويضها إليه. وذكر أيضا نقلا عن كتاب "الفصول" للإمامية أن رؤساء هذه الجماعة كانوا يكتبون معاوية (رضي الله عنه) خفيا على الخروج للمحاربة مع الإمام، بل بعضهم أراد الفتك به رضي الله عنه، فلما تحققت هذه الأمور عنده رضي بالصلح مع معاوية (رضي الله عنه)، وخلع الخلافة عن نفسه.
Shafi 45