Labaran Muwaffaqiyyat

al-Zubayr b. Bakkar d. 256 AH
66

Labaran Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Bincike

سامي مكي العاني

Mai Buga Littafi

عالم الكتب

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Inda aka buga

بيروت

إِنِّي وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنَا بِالْغِرِّ وَلا الْغُمْرِ، وَلا الضَّرَعِ وَلا الْوَرِعِ، وَلا الْوَانِي، وَلا الْفَانِي، وَإِنِّي لَأَنَا الْحَيَّةُ الصَّمَّاءُ الَّتِي لا يُبَلُّ سَلِيمُهَا، وَلا يَنَامُ كَلِيمُهَا، وَإِنِّي لأَنَا الْمَرْءُ، إِنْ كَوَيْتُ أَنْضَجْتُ، وَإِنْ هَمَزْتُ كَسَرْتُ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُشَاوِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤَامِرْ، مَعْ أَنَّهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ عَايَنُوا مِنْ يَوْمِ الْهَرِيرِ مَا عَايَنْتُ، أَوْ وُلُّوا مِثْلُ مَا وُلِّيتُ، إِذْ شَدَّ عَلَيْنَا أَبُو حَسَنٍ فِي كَتَائِبَهُ مَعَ أَهْلِ الْبَصَائِرِ، وَأَبْطَالِ الْعَشَائِرِ، فَهُنَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَخَصَتِ الأَبْصَارُ، وَارْتَفَعَ الشَّرَارُ، وَقَلُصَتِ الْخُصَى إِلَى مَوَاضِعِ الْكُلَى، وَقَارَعَتِ الأُمَّهَاتُ عَنْ ثُكْلِهَا، وَذُهِلَتْ عَنْ حَمْلِهَا، وَاحْمَرَّ الْحِدَقُ، وَاغْبَرَّ الأُفُقُ، وَأَلْجَمَ الْعَرَقُ، وَسالَ الْعَلَقُ، وَارْتَفَعَ غُبَارُ الْقَتَامِ، وَصَبَرَ الْكِرَامُ، وَغَاضَ اللَّئَامُ، وَذَهَبَ الْكَلامُ، وَأُزْبِدَتِ الأَشْدَاقُ، وَقَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ، وَحَضَرَ الْفِرَاقُ، وَكَثُرَ الْعِنَاقُ، وَبَانَتِ الأَعْنَاقُ، وَقَامَتِ الرِّجَالُ فِي رَكْبِهَا مِنْ بَعْدِ فَنَاءٍ مِنْ نَبْلِهَا، وَتَقَصُّفٍ مِنْ رِمَاحِهَا، فَلا يُسْمَعُ إِلا التَّغَمْغُمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالتَّحَمْحُمُ مِنَ الْخَيْلِ، وَوَقْعُ السُّيوفِ فِي الْهَامِ. فَدَارَ يَوْمُنَا ذَلِكَ حَتَّى طَفَقَنَا اللَّيْلُ بِغَسَقِهِ، ثُمَّ انْجَلَى الصُّبْحُ بَفَلَقِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْقِتَالِ إِلا الهَرِيرُ، وَالزَّئِيرُ. أَمَا وَاللَّهِ لَعَلِمُوا أَنِّي أَعْظَمُ غَنَاءً، وَأَحْسَنُ بَلاءً، وَأَصْبَرُ عَلَى اللأْوَاءِ مِنْهُمْ، وَأَنِّي كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَأُغْضِي عَلَى أَشْيَاءَ لَوْ شِئْتُ قُلْتُهَا ... وَلَوْ قُلْتُهَا لَمْ أُبْقِ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنْ كَانَ عُودِي مِنْ نُضَارٍ فَإِنَّنِي ... لَأَكْرَهُ يَوْمًا أَنْ أُحَطِّمَ خَرْوَعًا وَلَئِنْ جَعَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شِعَارَهُ دُونَ دِثَارِهِ، أَوْ سِرْبَالَهُ دُونَ إِزَارِهِ، أَوْ نَفْسَهَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ، لَقَدْ أُولِيتُ ذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ شَكُورًا ذَكُورًا، إِذْ لَمْ تَشْكُرُوهُ، وَلَمْ تَذْكُرُوهُ، وَلا إِيَّايَ إِذْ طَلَبْنَا بِدَمِ عُثْمَانَ، إِذْ لَمْ تَحْسَبُوهُ، وَبَلَغْنَا الْغَايَةَ إِذْ لَمْ تَبْلُغُوا، وَإِذْ جَحَدْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنْتُمْ لِلنُّعْمَى أَنْكَرُ وَأَكْفَرُ، وَأَمَّا مَا زَعَمْتَ يَا سَعِيدُ بْنَ الْعَاصِ أَنِّي أُعَامِلُ النَّاسَ بِالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ، فَإِنِّي أَنَالُ بِالأَدَبِ، وَاللُّبِّ، وَالرِّفْقِ وَالصِّدْقِ، إِذْ خَرَقَ مَنْ لَمْ يَرْفُقْ، وَخَابَ مَنْ لَمْ يَصْدُقْ. وَأَمَّا قَوْلُكَ أَنِّي غَشَشْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا غَشَّ امْرُؤٌ كَرِيمٌ امْرَأً كَرِيمًا إِنْ دَعَا إِلَى النَّصْفِ أَنْ يَقْبَلَهُ، وَإِنَّكَ فِي قَوْلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَأَهْلٌ لِلتَّضْعِيفِ وَالتَّعْنِيفِ وَالْغَضَاضَةِ وَالْمَضَاضَةِ، غَيْرَ أَنَّ حِلْمَهُ يَأْتِي عَلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَنَا أَسْأَلُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَعْفُوَ لِلْقَوْمِ مَا قَالُوا إِنْ هُمْ آلَوْا لِاسْتِتْمَامِ نِعْمَتِكَ عَلَيْهِمْ وَأَيَادِيكَ عِنْدَهُمْ، فَلَيْسُوا رَاجِعِينَ إِلَى أَمْرٍ تَكْرَهُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَدَخَلَ، وَأَمَرَ الْقَوْمَ فَانْصَرَفُوا "

1 / 66