Labaran Muwaffaqiyyat

al-Zubayr b. Bakkar d. 256 AH
4

Labaran Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Bincike

سامي مكي العاني

Mai Buga Littafi

عالم الكتب

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Inda aka buga

بيروت

قَالَ: فَكُلَّمَا وُضِعَ لَوْنٌ، نَظَرَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ، وَقَالَ: هَذَا نَافِعٌ لِكَذَا ضَارٌ مِنْ كَذَا، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ صَاحِبُ صَفْرَاءَ فَلْيَأْكُلْ مِنْ هَذَا، وَمَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ السَّوْدَاءُ فَلا يَعْرِضْ لِهَذَا، وَمَنْ أَحَبَّ الزِّيَادَةَ فِي لَحْمِهِ فَلْيَأْكُلْ مِنْ هَذَا، وَمَنْ قَصْدُهُ قِلَّةُ الْغِذَاءِ فَلْيَقْتَصَرْ عَلَى هَذَا. قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ تَلِكَ حَالُهُ مِنْ كُلِّ لَونٍ يُقَدَّمُ، حَتَّى رُفِعَتِ الْمَوَائِدُ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ خُضْنَا فِي الطِّبِ كُنْتَ جَالِينُوسَ فِي مَعْرَفَتِهِ، أَوْ فِي النُّجُومِ كُنْتَ هِرْمِسَ فِي حِسَابِهِ، أَوْ فِي الْفِقْهِ كُنْتَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵇ فِي عِلْمِهِ، أَوْ فِي السَّخَاءِ فَأَنْتَ حَاتِمُ طَيِّء فِي جُودِهِ، أَوْ صِدْقِ الْحَدِيثِ فَأَنْتَ أَبُو ذَرٍّ فِي صِدْقِ لَهْجَتِهِ، أَوِ الْكَرَمِ، فَأَنْتَ كَعْبُ بْنُ مَامَةَ فِي إِيثَارِهِ عَلَى نَفْسَهِ. قَالَ: فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمَأْمُونُ، وَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الإِنْسَانَ إِنَّمَا فُضِّلَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْهَوَامِّ بِفِعْلِهِ وَعَقْلِهِ وَتَمْيِيزِهِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَحْمٌ أَطْيَبَ مِنْ لَحْمٍ وَلا دَمٌ أَطْيَبَ مِنْ دَمٍ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كَانَ الْمَأْمُونُ قَدْ هَمَّ بِلَعْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: " فَفَثَأَهُ عَنْ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْعَامَةَ لا تَحْتَمَلُ هَذَا، وَسِيَّمَا أَهْلُ خُرَاسَانَ، وَلا تَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ نَفْرَةٌ، وإِذَا كَانَتْ لَمْ تَدْرِ مَا عَاقِبَتُهَا، وَالرَّأْيُ أَنْ تَدَعَ النَّاسَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَلا تُظْهِرْ لَهُمْ أَنَّكَ تَمِيلُ إِلَى فِرْقَةٍ مِنِ الْفِرَقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ فِي السِّياسَةِ، وَأَحْرَى فِي التَّدْبِيرِ، قَالَ: فَرَكَنَ الْمَأْمُونُ إِلَى قَوْلِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَامَةُ، قَالَ: يَا ثُمَامَةُ، قَدْ عَلِمْتَ مَا كُنَّا دَبَّرْنَاهُ فِي مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ عَارَضَنَا رَأْيٌ أَصَلَحُ فِي تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ، وَأَبْقَى ذِكْرًا فِي الْعَامَّةِ. ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ خَوَّفَهُ إِيَّاهَا، وَأَخْبَرَهُ بِنُفُورِهِ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ، فَقَالَ ثُمَامَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْعَامَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا يَحْيَى، وَاللَّهِ لَوْ وَجَّهَتَ إِنْسَانًا عَلَى عَاتِقِهِ سَوَادٌ لَسَاقَ إِلَيْكَ بِعَصَاه عَشَرَةَ آلافٍ مِنْهَا. وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَضِيَ اللُّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، أَنْ سَوَّاهَا بِالأَنْعَامِ حَتَّى جَعَلَهُمْ أَضَلَّ مِنْهَا سَبِيلا. وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقَدْ مَرَرْتُ مُنْذُ أَيَّامٍ فِي شَارِعِ الْخُلْدِ وَأَنَا أُرِيدُ الدَّارَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ قَدْ بَسَطَ كِسَاءَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ أَدْوِيَةً، وَهُوَ قَائِمٌ يُنَادِي عَلَيْهَا: هَذَا الدَوَاءُ لِبَيَاضِ الْعَيْنِ وَالْغَشَاوَةِ، وَضَعْفِ الْبَصَرِ وَإِنَّ إِحْدَى عَيْنَيْهِ لَمَطْمُوسَةٌ، وَالأُخْرَى لَمُوشِكَةٌ.

1 / 4