الفصل الثالث
فيما يرتزق منه الجيش إن عجز بيت المال،
ووجوب المعاونة بالأبدان إن افتقر إليها في الحال
ــ
اعلم: أنه إذا ضعف بيت المال عن أرزاق الجيش، فقد قال- حجة الإسلام - أبو حامد الغزالي، في كتابه "المستصفى" ١، ما نصّه: (فإن قيل: توظيف الخراج ٢ من المصالح، فهل إليه سبيل، أم لا؟، قلنا: لا سبيل إليه مع كثرة
١ - "المستصفى" للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي الطوسي: الفيلسوف، المتصوّف، رحل إلى كل من بغداد والحجاز والشام ومصر. وكتابه هذا في أصول الفقه، وقد قال فيه: (قد صنفت في فروع الفقه وأصوله كتبًا كثيرة ثم أقبلت بعده على علم طريق الآخرة ...) وقد اختصره: أبو العباس أحمد بن محمد الاشبيلي (ت ٦٥١هـ)، وشرحه أبو علي حسين بن عبد العزيز الفهري البلنسي (ت ٦٧٩هـ)، وعليه تعاليق لسليمان بن محمد الغرناطي (ت ٦٣٩هـ). ومن كتبه- أيضًا-: "إحياء علوم الدين" و"تهافت الفلاسفة" و"معارك القدس في أحوال النفس" وغيرها، مات "بالطابران" (سنة ٥٠٥هـ).
(ابن خلكان- وفيات الأعيان:١/ ٤٦٣، كبرى زاده: مفتاح السعادة: ٢/ ١٩١ - ٢١٠، حاجي خليفة- كشف الظنون: ٢/ ١٦٧٣، الزركلي- الأعلام: ٧/ ٢٢).
٢ - الخراج: ما يخرج من غلّة الأرض.
عند الحنابلة: ما قرّر على الأرض بدل الأجرة.
عند الزيدية: ما وضع على أرض افتتحها الإمام، وتركها في يد أهلها على تأديته.
عند الاباضية: هو ما يستخرجه السلطان، أو نحوه من أصحاب الأموال كل سنة مثلًا.
وأرض الخراج عند الشافعية نوعان: الأول: أن يفتح الإمام بلدة قهرًا، ويقسمها بين الغانمين، ثم يعوّضهم عنها، تم يقفها على المسلمين، ويضرب عليها خراجًا.
الثاني: أن يفتح الإمام بلدة صلحًا على أن الأرض للمسلمين، ويسكنها الكفار بخراج معلوم، فالأرض تكون فيئًا للمسلمين، والخراج أجرة لا يسقط بإسلامهم. وخراج الوظيفة عند الحنفية مثل الذي وظّفه عمر ﵁ على أرض سواد العراق لكل جريب يبلغه الماء صاع بر أو شعير، والجريب: قطعة متميّزة من الأرض يختلف مقدارها بحسب اصطلاح أهل الأقاليم. (أبو جيب- القاموس الفقهي: ١١٤ - ١١٥).