يرده إليه لينفّذ إليه دعواه، فيتمكّن منه العامل ويسجنه، ويكتب للسلطان: بأنه بالغ في كشف أمره، فوجد الشاكي ظالمًا، أو سارقًا، أو هاجمًا، أو غاضبًا، وربما كتب عليه بيّنة بذلك من اللّفيف ١ أو العدول، ولا يعجزه الحال لأن كل من أمره بالشهادة شهد خوفًا منه).
ولله درّ بعض الفقهاء: كان جالسًا مع السلطان، وحين سأل السلطان بعض الناس- أي: جماعة منهم- عن عاملهم؟، فأثنوا عليه [٢٤/أ]
فقال الفقيه: (ما هذا وجه الشهادة، بل وجهها: أن تعزله عنهم، واسئلهم حينئذ، عمّا يشهدون به فيه؟ وماذا يقولون فيه؟ - وإلاّ فمن يستطع أن يقول: للأسد أبخر ٢ الفم وهو بين شدقيه- ففعل السلطان ذلك، فما من أحد من الرعية- المولّى عليها العامل المذكور- إلاّ وجاء للسلطان متظلّمًا شاكيًا بالعامل المذكور، فعلم بذلك: صدق الفقيه المذكور!.
وعليه: فيجب على الإمام: أنْ لا يعمل بقول العامل في هذا الشاكي، وكيف يعمل بقوله فيه، مع كونه عدوًّا له، إذ بمجّرد إتيانه للشكاية للسلطان صار عدوًّا له، لأنّه أتى ليظهر عيوبه للسلطان، ومن يرضى أن تظهر عيوبه لأدنى الناس، فكيف بها للسلطان- فالله الله في عباد الله-!.
فالواجب: أن ينفذ للشاكي شكواه، ويستفصل في دعواه، ويتولّى سماعها بنفسه، ولا يتّكل في سماعها على غيره، وإذا توقّفت دعواه على إثبات، أمره بإثباته، وكلّف من ينظر له في ذلك من الثقات قاضيًا أو غيره.
وقد علمتم- أيّدكم الله-: أن الله- ﵎ يتولّى يوم القيامة، الفصل بين عباده بنفسه، ولا يتّكل فيهم على أحد، كما في الصحيح: أنه-