أجنحة المكر الثلاثة
أجنحة المكر الثلاثة
Mai Buga Littafi
دار القلم
Lambar Fassara
الثامنة
Shekarar Bugawa
١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
الراقية المدهشة توضعان على قدم المساواة، إن قياس كلامه يقتضي ذلك.
فإذا كان هذا في المدنيات أمرًا مرفوضًا فهو في ميادين الحضارة الخلقية مرفوض أيضًا، وبنسبة أكبر، إن ميادين الحضارة الخلقية ذات سلم في الرقي الإنساني يماثل سلم الرقي المدني، إلا أن ثمرات الرقي المدني لا تزيد على أنها تحقق رفاهية الإنسان، أما الرقي الخلقي فثمراته تحقق سعادة الإنسان، وفرق عظيم بين هذين الصنفين من الثمرات، ندرك هذا الفرق حين ندرك أن السعادة أثمن ما في الحياة كلها.
ب- الغمس بالمجتمعات ذات الأخلاق الفاسدة والسلوك المنحرف
قد يكون الغمس في المجتمعات الموبوءة بعناصر الفساد الخلقي والسلوكي من أفعل وسائل الإفساد العملي، ولذلك تلجأ إليه كتائب الغزو غير المسلح لإفساد أخلاق المسلمين.
فمن المعروف المجرَّب في طبائع الناس، أن الإنسان بطبيعته قابل للتكيف والتأثر بالبيئات الاجتماعية التي ينغمس فيها، وأن مقدارًا من التفاعل لا بد أن يتم بين مجتمع ما وبين من يدخل فيه، ولا بد أن يتأثر كل منهما بالآخر على مقدار ما لدى كل منهما من قوة التأثير وقابلية التأثر.
فلو وضعنا تقيًا نقيًا غير معصوم في بيئة اجتماعية، معظم ممن فيها فاسدون متحللون ماديون لا يعرفون في حياتهم إلا الانحرافات الخلقية وأنواع السلوك الفاسد فإن الذي يحدث لهذا التقي النقي عملية تحول تدريجي تمر بمراحل، واجتياز هذه المراحل قد يكون بطيئًا وقد يكون سريعًا.
قد تبدأ مراحل التحول بالنفرة الشديدة والمقاومة والصمود، ثم تنتقل إلى الانكماش والتوجس، ثم تنتقل إلى حالة من حالات العزلة النفسية، وفي كل مرحلة من هذه المراحل لون من ألوان التأثر بالبيئة لا محالة، ثم تنتقل إلى الشعور بعدم المبالاة فرارًا من الصراع النفسي والقلق الدائم، وسأمًا من العزلة النفسية القائمة ثم تنتقل إلى إلف هذه البيئة، وذلك لأن تكرار مشاهدة القبيح من الوسائل التي تجعله مألوفًا لا يثير في النفس نفرة ولا اشمئزازًا، وربما غدت
1 / 245