Bakin Ciki na Dan Kama Tama
أحزان عازف الكمان
Nau'ikan
نظر إليه جورج وأخذ يتحقق من وجهه فلم يذكر أنه رآه قبل ذلك. قال وهو يسلم عليه بأدب شديد يليق بموسيقي مهذب: ربما كان طفلا أو صبيا صغيرا أيام كنت أسكن بجوارهم. الأيام تغيرنا
ضحك الباشمهندس وهو يشير إلى يد جورج: لكن أمثالكم يغيرونها إذا شاءوا، يحركون الجبال أيضا إذا أرادوا ...
أسرع بشارة قائلا: تفضلا، تفضلا، الباشمهندس يقصد بالفن، بالموسيقى، باللحن الذي يزلزل الجبال والقلوب و... لكن أين الكمان يا جورج؟
قال هذا وهو يضحك وينظر إلى شقيقته التي كانت تتابع الوجوه بشغف شديد: ولمن أعزف به في الصاغة؟ هل يرضيك أن أعزف لك حتى تغرق في النوم وأحرك أنا الذهب والفضة والألماس إلى جيبي؟ ألا تتذكر قصة الفارابي التي حكاها لنا يني أفندي أيام زمان؟
استمر بشارة في الضحك كأنما أصيب بنوبة لن يفيق منها.
سكت قليلا ثم ضغط على زر بجانبه فظهر من باب إلى الخلف شاب أسمر وسيم الملامح شديد الحيوية فقال له: شف طلبات البهوات، عندنا هنا كل شيء يا حضرات، تفضلوا، تفضلوا.
وجاءت الطلبات بعد قليل، وانشغل الجميع بما كانوا فيه أو بما جاءوا من أجله. تفرجت شقيقة جورج على قطع عديدة ومشغولات بديعة وأخذت راحتها في السؤال عن الأسعار، وتناول الباشمهندس علبة مكسوة بالقطيفة الزرقاء الغامقة يبدو أنها تخفي في داخلها الهدية التي اختارها قبل حضور جورج وشقيقته، ولما نهض مستأذنا في الانصراف وضع بشارة يده تحت ذراعه وأخذه على جنب وتهامسا لحظات قبل أن يهتف الجواهرجي بصوت عال: مع السلامة، إلى اللقاء كما اتفقنا، لا لا، اطمئن، لن ننسى، أبدا. ثم بعد أن هبط العتبات القليلة أمام الدكان غمز لصديقه القديم: موعدنا غدا مساء في المقهى القديم بالمنيل، لن تنسى إحضار الكمان معك، أليس كذلك؟!
بعد أن شربا القهوة وعدل بشارة مزاجه بالشيشة ودفع الحساب بالرغم من إلحاح صديقه هب واقفا وهو يكاد يصرخ: هيا بنا يا جورج نخرج من هذا الجحيم. تعال نشم نسمة تعوضنا عن هذا العذاب (ثم وهو يساعده على حمل صندوق الكمان ورفعه فوق الموائد والرءوس) من يصدق أن هذه هي قهوتنا أيام زمان؟ سنتمشى قليلا على النيل.
سأل جورج: ولماذا على النيل، هل تسكن في حينا ولا أعلم؟
قال بشارة ضاحكا: لأني ركنت سيارتي هناك، بالقرب من بيت عزمي الذي لم أزره من مدة طويلة، بالرغم من القرابة التي بيننا من جهة أبي.
Shafi da ba'a sani ba