Bakin Ciki na Dan Kama Tama
أحزان عازف الكمان
Nau'ikan
نهضت واقفة واستأذنته لحظات حتى تعرف ما يريده المدير، وجمعت بعض الأوراق ثم قامت مسرعة وهي تجر حمل اللحم الضخم المترهل وتتنفس بصعوبة.
قال لنفسه: كيف أقول لها إنها هي السبب؟ ألم تكن هي التي أهملت قصائده وردت إليه آخر قصيدة كان يريد أن يعطيها لها وهي تعتذر قائلة: ليس لي في الشعر أبدا، ثم إن شعرك غامض وفيه فلسفة. وها هو يشرب القهوة معها بعد عشرين سنة أو أكثر منذ شرباها في الحديقة تحت ظلال الشجر. فهل تذكرت اللحظة المسحورة التي عاشها معها وجرب فيها نعيم حبها وعذابه؟ هل خطر على بالها لحظة واحدة أنه حين كان يشرح لها ولصبرية أبيات القصيدة والصور المنقوشة على الوعاء الإغريقي فإنما كان يريد أن تشعر بلحظة الحب الذي جذبه إلى وجهها البريء وضحكتها الصافية، وأنه قد عاش اللحظة المسحورة وثبتها في قلبه رغم أنها ردته عنها وأفهمته منذ البداية أن لا أمل على الإطلاق ولا داعي للتعلق بالأوهام.
كانت قد رجعت إلى مكتبها ورتبت أوراقا كثيرة في الملفات قبل أن تتناول رشفة من الفنجان وتقول له: على فكرة، صبرية أيضا تحب الشعر.
قال في مودة: هي أخت عزيزة، كنت دائما أسميها القديسة السمراء.
قالت في عتاب: وكان هذا يغضبها جدا.
قال وهو يرفع الفنجان إلى فمه ويردد بصوت محايد كصوت المسجل: شيء مؤسف، ولكنني ...
ردت مسرعة كأنها تطلق قذيفة: ولكنك لم تفهم أبدا أنها كانت تكتب الشعر فيك أنت.
لم يجد ما يقوله ردا على الدعابة التي جاءت متأخرة ونظر إليها نظرة تمنى أن تلمح فيها طيف العتاب: تعلمين أنني بطيء الفهم، لم أفهم أيضا أن النعمة كانت وما زالت بعيدة عني، لكن في النهاية كل واحد ...
أسرعت تكمل عبارته: نعم، نعم، كل واحد يأخذ نصيبه. ثم كأنها طوت الصفحة وانتهت منها إلى الأبد: لم تقل لي ماذا نويت عليه بعد رجوعك، سمعت أنك عشت مدة طويلة في بلاد النفط.
قال وهو ينتزع ضحكة خافتة ويحدق في وجهها: أنوي أن أكفر عن ذنوبي، كما فعل أفلاطون.
Shafi da ba'a sani ba