ولم تشرق الشمس حتى رأت أباها عائدا مع إسطفانوس في حالة تشمئز منها النفس من السكر، وهما يحاولان إخفاء حالهما حياء من دميانة، وهي تتجاهل ما تراه وتتشاغل بشئونها.
وذهب إسطفانوس توا إلى غرفته وبدل ثيابه، ولبس ثوبا نظيفا وبالغ في التطيب والتعطر، ولكن رائحة الخمر بقيت تتصاعد من فيه.
واغتنم اشتغال مرقس عنه وأتى إلى دميانة وكانت وحدها جالسة على وسادتها، فلما رأته قادما استعاذت بالله وأقبل إسطفانوس عليها وألقى التحية وهو يتضاحك واللؤم باد في وجهه وقال: «حقا إن جاركم رجل شريف غيور.»
فلم تجبه ولكنها تشاغلت بإصلاح خمارها؛ لعلمها أنه يتذرع بما قاله إلى الإيقاع بسعيد، وهي لا تطيق ذلك. فلما رآها ساكتة قال: «لماذا لا تجيبين يا دميانة؟ لعله أوصاك بألا تكلميني!»
فنظرت إليه شزرا وأنكرت هذا التلميح. وبان الإنكار في عينيها. وعمدت إلى تغيير الحديث فقالت: «هل جاء أبي؟ أين هو؟»
قال: «نعم جاء وهل تريدين أن أقص عليه ما جرى بالأمس في الكنيسة؟»
قالت وقد غلبت عليها الأنفة: «كما تشاء افعل ما بدا لك.»
فضحك، وقال: «لا. لا أقول شيئا؛ لأني لا أحتاج إلى نصرته في هذا الأمر. إن إسطفانوس ابن المعلم حنا كاتب المارداني لا يصبر على ما سمعه من ذلك الجار العزيز.»
فلم تستطع صبرا على كذبه وريائه فقالت: «ولماذا صبرت على ذلك بالأمس؟»
قال: «أتريدين أن أبارزه في الكنيسة؟» وكأنه أدرك أنه لا ينبغي له أن يبوح بما عزم عليه فقال: «ذلك حديث مضى. وقد أعجبتني غيرته على جارته. ولكنه أظهر طيشا وحمقا في دفاعه عنها. لا بأس. سامحه الله!» ثم تظاهر بالتلطف والتودد إليها وقال وهو يجلس على الطنفسة بجانبها: «إننا الآن على أهبة الرحيل وقد قابلت الأسقف في هذه الكنيسة قبل مجيئي الآن.» قال ذلك وابتسم.
Shafi da ba'a sani ba