قال: «أراه شابا جميلا ماهرا في الهندسة ويحبه كل من عرفه.»
قال: «هل تحبه أنت؟» فقال: «كيف لا أحبه؟»
قال: «بناء على ذلك وقد قلت لك إني بمنزل أبيه، جئت بالنيابة عنه؛ لألتمس منك أمرا أرجو من الحبيب إسطفانوس أن يساعدني في الحصول عليه.»
فخفق قلب إسطفانوس لأنه أدرك الغرض المطلوب ولكنه تظاهر بالقبول وقال: «إني طوع أمرك يا سيدي.»
فقال أبو الحسن: «جئت أخطب إليك ابنتك دميانة إلى حبيبي سعيد، فهل تخذلني وترفض طلبي؟»
فوقع الطلب وقع الماء الحار على بدنيهما، وأجفلا، وسكت إسطفانوس، وأما مرقص فأجاب جوابا مضطربا مجاملة، فأدرك أبو الحسن اضطرابه وتردده ولم يأبه بالمجاملة؛ لأنه قرأ الإنكار في عينيه، واكتفى بما لحظه وأهل الإحساس يقرءون الفكر خلال الإنكار، وبعضهم يدرك مرادك قبل أن تتكلم. وكان أبو الحسن من هؤلاء، فأيقن بفشل مهمته لكنه تجاهل وقال: «أنا أعلم أن إجابة طلبي تقتضي ترويا ونظرا، فأمهلك ريثما تتبصر فيه.»
فأحس مرقص عند هذا الاعتذار كأنه كان في سجن وأفرج عنه، ولو كانت له شجاعة أدبية لقال له: «إنها مخطوبة.» إذ قد سبق ووعد إسطفانوس بها، ولكنه خشي الصراحة وحسبها خشونة، فلما سمع كلام أبي الحسن ابتسم وقال: «طبعا سأنظر في الأمر والذي يقدره الله يكون.»
وأسرع أبو الحسن حالا إلى تغيير الحديث، فطرق موضوعات مختلفة، ثم وجه خطابه إلى مرقص قائلا: «أرجو من فضلك يا جارنا العزيز أن تساعدني على الحبيب إسطفانوس؛ فإني أحب أن يؤانسني بزيارة، وأن تتفضل أنت معه.»
فتصدى إسطفانوس للجواب قائلا: «أشكرك يا سيدي. كنت أود ذلك من صميم قلبي، لولا أني عزمت على العودة غدا.»
قال: «وإلى أين؟ لقد تعجلت الرجوع وأنت لم تأتنا إلا الساعة.»
Shafi da ba'a sani ba