Mafarkai Daga Mahaifina
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
Nau'ikan
وقد وفرت عليه إخباري أن أهل دك كانوا من الشعوب النيلية؛ أي أقرباء لي. وحاولت أن أتخيل هذا الرجل الإنجليزي شاحب الوجه في صحراء حارقة في مكان ما، ويولي ظهره لدائرة من رجال القبائل العراة، وعيناه تبحثان في سماء خاوية، ويشعر بالمرارة في وحدته. وقد طرأت الفكرة نفسها التي راودتني في ذلك الوقت على ذهني وأنا أخرج من السينما مع أمي وأختي: لا يمكن للعواطف بين الأجناس أن تكون نقية، حتى الحب كانت تلوثه الرغبة في أن نجد في الآخر شيئا نفتقده في ذاتنا. وسواء أكنا نسعى لاستحضار الشياطين أو الخلاص من ذنوبنا فإن العرق الآخر سيظل دائما كما هو : خطر وغريب ومنعزل.
قالت مايا عندما ذهبت والدتي إلى الحمام: «إنه قديم.» «ماذا؟» «الفيلم، إنه من النوع القديم، النوع الذي تفضله أمي.»
وعلى مدار الأيام التالية حاولت أن أتجنب مواقف تجبرني أنا ووالدتي على التحدث، ثم قبل بضعة أيام من رحيلهما زرتهما عندما كانت مايا نائمة. ولاحظت والدتي خطابا موجها إلى أبي في يدي، وسألتها هل معها طابع بريد دولي. «هل ترتبان لزيارة؟»
أخبرتها باختصار عن خططي وهي تخرج من قاع حقيبتها طابعا. في الواقع أخرجت طابعين وقد التصقا معا بفعل حرارة الصيف. فابتسمت ابتسامة خجولة، ووضعت الماء ليغلي كي نفصلهما بالبخار.
وقالت من المطبخ: «أظن أنه من الرائع لكليكما أن تتاح لكما الفرصة أخيرا ليعرف أحدكما الآخر. على الأرجح كان من الصعب عليك تحمله وأنت صبي في العاشرة، لكن الآن بعد أن كبرت ...»
هززت كتفي. وقلت: «من يدري؟»
أخرجت رأسها من المطبخ. قالت: «أتمنى ألا تكون تشعر بالاستياء تجاهه.» «ولماذا؟!» «لا أعلم.» ثم عادت إلى غرفة المعيشة وجلسنا هناك بعض الوقت نسمع صوت حركة المرور بالأسفل. ثم انطلق صفير إبريق الشاي ووضعت طابع البريد على المظروف. ثم دون أي داع بدأت والدتي تروي قصة قديمة مرة أخرى في صوت بعيد، كما لو أنها تقصها على نفسها.
قالت: «لم يكن خطأ والدك أنه رحل كما تعلم. أنا طلقته. عندما تزوجنا لم يكن جدك وجدتك سعداء بالفكرة، لكنهما وافقا، وعلى الأرجح لم يكن بوسعهما أن يوقفانا، وفي النهاية غيرا رأيهما وقالا إنها فكرة سديدة. ثم كتب والد باراك، جدك حسين، لوالدي ذلك الخطاب الطويل السيئ يقول فيه إنه لم يوافق على الزواج. وأضاف أنه لم يرد أن يتلوث دم عائلة أوباما بدماء امرأة بيضاء. ويمكنك أن تتخيل كيف كان رد فعل جدك عندما قرأ هذا. ثم كانت هناك مشكلة زوجة أبيك الأولى ... وكان قد أخبرني أنهما انفصلا، وقد كان زواجه بها على النظام القروي ومن ثم لم يكن هناك أي مستند قانوني يوضح أنهما قد طلقا ...»
وبدأ ذقنها يرتجف وضغطت بأسنانها على شفتها محاولة التماسك. وقالت: «رد والدك على الخطاب، وقال إنه سيستمر فيما بدأه. ثم ولدت أنت واتفقنا على أن نعود نحن الثلاثة إلى كينيا عندما ينتهي من دراسته. لكن جدك حسينا كان لا يزال يكتب خطابات إلى والدك، ويهدده بأنه سيجعلهم يسحبون تأشيرته كطالب. وفي ذلك الوقت أصبحت جدتك في غاية الاضطراب؛ فقد قرأت عن ثورة ماو في كينيا قبل بضع سنوات وقد ألقت عليها الصحافة الغربية ضوءا شديدا، وكانت واثقة من أنهم سيقطعون رأسي ويختطفونك إذا ما ذهبنا إلى هناك. «حتى في ذلك الوقت، كان من الممكن أن ينجح الأمر. وعندما تخرج والدك من جامعة هاواي تلقى منحتين دراسيتين. واحدة إلى جامعة نيو سكول هنا في نيويورك والأخرى إلى جامعة هارفارد. ووافقت جامعة نيو سكول على أن تغطي نفقات كل شيء؛ الغرفة والإقامة ووظيفة في الحرم الجامعي وهو ما كان كافيا لنعيش منه نحن الثلاثة. أما جامعة هارفارد فقد وافقت على تغطية مصاريف الدراسة فقط. لكن باراك كان وغدا عنيدا واختار الذهاب إلى هارفارد. وقال لي: «كيف أرفض فرصة لتلقي أفضل تعليم؟» فهذا هو كل ما كان يفكر فيه: إثبات أنه أفضل ...»
وتنهدت، ومررت أصابعها في شعرها. وقالت: «لقد كنا صغارا. كنت أصغر سنا منك الآن. وهو كان أكبر منك ببضع سنوات. بعد ذلك عندما جاء لزيارتنا في هاواي تلك المرة، أرادنا أن نذهب ونعيش معه. لكني كنت لا أزال متزوجة من لولو في ذلك الوقت، وكانت زوجته الثالثة قد تركته للتو، ولم أفكر ...»
Shafi da ba'a sani ba