Mafarkai Daga Mahaifina
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
Nau'ikan
في ذلك الوقت تقريبا اشتركت في حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات. وقد بدأت تلك الحملة على سبيل المزاح على ما أظن، جزءا من ذلك الموقف المتطرف الذي سعيت أنا وأصدقائي للحفاظ عليه، ومراوغة من اللاوعي عن موضوعات أقرب للوطن. لكن مع مرور الأشهر وجدت نفسي أنجذب لدور أكبر - فتوليت الاتصال بممثلين عن المؤتمر الوطني الأفريقي لإلقاء خطب في الحرم الجامعي، وكتابة مسودات خطابات للكلية، وطباعة منشورات ومناقشة استراتيجيات - ولاحظت أن الناس بدءوا يستمعون إلى آرائي. وهو الاكتشاف الذي جعلني أتوق للكلمات. ليست كلمات أختبئ خلفها، لكن كلمات يمكن أن تحمل رسالة وتدعم فكرة. وعندما بدأنا نخطط للتجمهر من أجل اجتماع الأمناء، واقترح أحد أن أفتتح أنا الحدث، أسرعت بالموافقة. واكتشفت أنني كنت مستعدا، وأستطيع الوصول إلى الناس في أي موقف. ورأيت أن صوتي لن يخذلني.
والآن لنر. ترى ما الذي كنت أفكر فيه في تلك الأيام التي سبقت التجمهر؟ كانت الأجندة قد أعدت بحرص شديد مسبقا، وكان من المفترض أن أبدي بعض الملاحظات الافتتاحية فقط، ثم وبينما أتحدث يصعد اثنان من الطلاب البيض على المسرح يرتدون زيهم الموحد الذي يشبه الزي العسكري ليسحبوني بعيدا. شيء ما يشبه الدراما التي تمثل في المسارح الارتجالية في الشارع؛ أي طريقة لإضفاء لمحة درامية على الموقف من أجل النشطاء في جنوب أفريقيا. كنت أعرف الأحداث؛ فقد ساعدت في التخطيط للنص. لكن عندما جلست أعد بعض الملاحظات لما يمكن أن أقول، حدث شيء ما. وفي عقلي أصبح الأمر أكثر من مجرد حديث عمره دقيقتان، أكثر من طريقة لإثبات التزامي السياسي. فبدأت أتذكر زيارة أبي لفصل الآنسة هيفتي، والنظرة على وجه كوريتا في ذلك اليوم، وقوة كلمات أبي على إحداث التغيير. وفكرت في نفسي أن كل ما أحتاج إليه هو إيجاد الكلمات المناسبة. فبالكلمات المناسبة يمكن أن يتغير كل شيء: جنوب أفريقيا ، حياة أطفال الجيتو الذين يعيشون على بعد أميال قليلة فقط مني، ومكاني الضعيف في العالم.
وعندما صعدت على المسرح كنت لا أزال في تلك الحالة من النشوة. لا أدري كم من الوقت وقفت هناك والشمس ساطعة في عيني مباشرة، وأمامي حشد من بضع مئات من الأفراد متململين بعد تناول وجبة الغداء. وكان هناك طالبان يلعبان بقذف الطبق البلاستيكي الطائر بينهما على الحشائش، وآخرون يقفون بعيدا على الجانب مستعدون لاقتحام المكتبة في أية لحظة. ودون أن أنتظر أية إشارة للبدء، تقدمت إلى الميكروفون.
قلت: «هناك صراع دائر.» لم يصل صوتي إلى أبعد من الصفوف القليلة الأولى. فنظر عدد قليل للأعلى، وانتظرت أنا حتى هدأت الجموع. «أقول إن هناك صراعا دائرا!»
توقف اللاعبان عن قذف الطبق الطائر. «يفصل بيننا وبينه المحيط. لكنه صراع يمس كل واحد منا. سواء أكنا نعرفه أم لا. سواء أكنا نريده أم لا. إنه صراع يتطلب منا أن نختار إلى أي جانب نقف. إنه ليس بين السود والبيض. ليس بين الأثرياء والفقراء. كلا، إنه اختيار أصعب من هذا. إنه اختيار بين الكرامة والعبودية. بين العدالة والظلم. بين الالتزام واللامبالاة. اختيار بين الصواب والخطأ ...»
توقفت. وكانت الجموع هادئة وتراقبني. فبدأ أحدهم بالتصفيق، وصاح آخر: «استمر يا باراك.» وتابع: «أخبرنا بالواقع كما هو.» ثم بدأ الآخرون يصفقون ويهللون، وعرفت أنني نجحت في جذب انتباههم، وأنني نجحت في جعلهم يفهمون الصلة. فأمسكت الميكروفون مستعدا للاستمرار عندما شعرت بيد أحد تجذبني من الخلف. وبالضبط كما خططنا، كان أندي وجوناثان يقفان متجهمين خلف نظارتيهما السوداوين. وبدآ يسحبانني من على المسرح، وكان من المفترض أن أمثل أني أحاول التحرر من أيديهما، لكن جزءا مني لم يكن يمثل؛ فقد أردت البقاء على المسرح بالفعل، وسماع صوتي يصل إلى الجماهير ويعود إلي محملا بالإطراء. كان لا يزال لدي الكثير لأقوله.
لكن دوري قد انتهى. فوقفت على الجانب في حين صعد ماركوس وأمسك بالميكروفون وهو يرتدي قميصه الأبيض ورداءه الجينز، وبجسده النحيل وقامته المنتصبة ووجهه الأسود. وشرح للجماهير ما شاهدوه للتو، والسبب في أن مراوغات الإدارة في اتخاذ موقف بشأن الموضوعات المتعلقة بجنوب أفريقيا غير مقبولة. ثم صعدت ريجينا وتحدثت عن الفخر الذي شعرت به عائلتها عندما التحقت هي بالجامعة، والخزي الذي كانت تشعر هي به في ذلك الوقت عندما علمت أنها جزء من مؤسسة تدفع مقابل تميزها من أرباح القمع. وكان يجب أن أشعر بالفخر بكليهما؛ فقد كانا فصيحين في حديثيهما، ويمكن القول إن مشاعر الجماهير قد أثيرت. لكنني في الحقيقة لم أعد أستمع إليهما. كنت أقف في الخارج مرة أخرى أشاهد، وأحكم، وأشك. وفي عيني بدونا فجأة على حقيقتنا؛ هواة مرفهين منعمين، بتلك العصابات الحريرية الشفافة السوداء التي كنا نلفها حول أذرعنا، والإشارات المرسومة باليد ووجوهنا الشابة الجادة. وعاد لاعبا الطبق الطائر إلى لعبتهما. وعندما بدأ الأمناء يصلون لاجتماعهم، وقف بعض منهم خلف الجدران الزجاجية لمبنى الإدارة ليراقبونا، ولاحظت الرجال البيض الكبار في السن يضحكون فيما بينهم، حتى إن أحدهم لوح باتجاهنا. فقلت لنفسي إن الأمر برمته ليس إلا مسرحية هزلية؛ التجمهر والرايات وكل شيء. مجرد تسلية جميلة لفترة بعد الظهيرة، مسرحية في المدرسة دون حضور الوالدين. وكنت أنا وخطبتي التي استمرت دقيقة واحدة أكبر مسرحية هزلية.
وفي الحفل ذلك المساء، جاءت ريجينا إلي وهنأتني. فسألتها علام. «على ذلك الخطاب الرائع الذي ألقيته.»
فتحت علبة جعة. وقلت: «لقد كان قصيرا، على أية حال.»
تجاهلت ريجينا السخرية في حديثي. وقالت: «هذا ما جعله مؤثرا للغاية.» وتابعت: «لقد تحدثت من قلبك يا باراك. وهذا جعل الناس يريدون سماع المزيد. وعندما جذباك بعيدا، كان كما لو ...»
Shafi da ba'a sani ba