Mafarkai Daga Mahaifina
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
Nau'ikan
قذفت الكتاب في حقيبة ظهري. وقلت : «في الحقيقة إنه على حق.» وتابعت: «إنه كتاب عنصري. الطريقة التي يرى بها كونراد الأشياء؛ أفريقيا هي بالوعة العالم، والسود بربريون وأي اتصال بهم يؤدي إلى العدوى.»
نفخت ريجينا في قهوتها. وقالت: «لماذا تقرؤه إذن؟» «لأننا مكلفون بدراسته.» ثم توقفت غير واثق مما إذا كان من المفترض أن أستكمل. وتابعت: «ولأن ...» «لأن ...» «لأن الكتاب يعلمني أشياء.» وتابعت: «أعني عن البيض. إن الكتاب في الواقع ليس عن أفريقيا. أو السود. إنه عن الشخص الذي كتبه. الرجل الأوروبي. الرجل الأمريكي. طريقة بعينها للنظر إلى العالم. فإذا استطعت أن تحافظي على المسافة بينك وبينه، فستجدين كل شيء هنا سواء فيما قيل أو ما لم يقل. ولهذا فإني أقرأ الكتاب كي يساعدني على فهم ما الذي يجعل البيض خائفين بهذا الشكل. وأعرف شياطينهم. الطريقة التي تنحرف بها الأفكار. إنه يساعدني في فهم كيف يتعلم الناس الكراهية.» «وهذا مهم لك.»
فكرت في نفسي أن حياتي تعتمد على هذا. لكني لم أقل ذلك لريجينا. ابتسمت فقط وقلت: «هذه هي الطريقة الوحيدة لعلاج أي مرض؛ تشخيصه، أليس كذلك؟»
ابتسمت هي الأخرى وارتشفت من قهوتها. كنت قد رأيتها من قبل، عادة وهي تجلس في المكتبة وبين يديها كتاب، وهي فتاة ضخمة الجسد سوداء البشرة ترتدي جوارب وملابس تبدو مصنعة في المنزل، وكذلك نظارة كبيرة الحجم لها لون خفيف وإيشارب يغطي رأسها دائما. كنت أعلم أنها في السنة قبل الأخيرة، وكانت تساعد في تنظيم الاحتفالات التي تقام من حين لآخر للطلاب السود ولا تخرج كثيرا. أخذت تقلب قهوتها بخمول وسألت: «ما الاسم الذي خاطبك به ماركوس الآن؟ إنه اسم أفريقي أليس كذلك؟» «باراك.» «ظننت أن اسمك باري.» «باراك هو اسمي الأول. وهو اسم أبي. وكان كينيا.» «هل يعني شيئا؟» «يعني «مبارك» باللغة العربية. فجدي كان مسلما.»
رددت ريجينا الاسم لنفسها. وقالت: «باراك. إنه اسم جميل.» ثم انحنت إلى الأمام وهي تختبر الصوت. وتابعت: «لماذا إذن يخاطبك الجميع باسم باري؟» «أظن أنها عادة. فقد استخدمه أبي عندما وصل إلى الولايات المتحدة. ولا أدري هل كانت تلك فكرته أم فكرة شخص آخر. وعلى الأرجح استخدم باري لأنه أسهل في النطق. فقد ساعده ذلك على الاندماج. ثم ورثته أنا. حتى أستطيع الاندماج.» «هل تمانع إذا خاطبتك باسم باراك؟»
فابتسمت وقلت: «لا ما دمت تنطقينه نطقا صحيحا.»
أمالت رأسها بنفاد صبر، وفمها في وضع ساخر وعيناها على وشك أن تستسلما للضحك. انتهى بنا الأمر إلى قضاء فترة ما بعد الظهيرة معا، نتحدث ونحتسي القهوة. وأخبرتني عن طفولتها في شيكاغو، والأب الغائب والأم المكافحة، والمبنى السكني المكون من ست وحدات سكنية في الجزء الجنوبي من شيكاغو الذي لم يكن دافئا بما يكفي أبدا في الشتاء، وشديد الحرارة في الصيف حتى إن الناس كانوا يذهبون للنوم على ضفاف البحيرة. وأخبرتني عن الجيران في المنطقة السكنية التي تقطن بها، وعن السير أمام الحانات ونوادي البلياردو في الطريق إلى الكنيسة يوم الأحد. وأخبرتني عن الأمسيات وهي في المطبخ مع أقربائها وجديها ومزيج الأصوات الذي يعلو بالضحكات. وقد أثار صوتها صورة لحياة عائلة سوداء بجميع إمكانياتها، صورة ملأتني بالاشتياق، اشتياق للمكان وللتاريخ المحدد الثابت. وعندما نهضنا لنغادر، أخبرت ريجينا أنني أحسدها. «علام؟» «لا أعلم. ربما على ذكرياتك.»
فنظرت إلي ثم أطلقت ضحكة عالية من أعماقها. «ما الذي يضحكك بهذا الشكل؟»
فقالت وهي تحاول التقاط أنفاسها: «أوليست الحياة غريبة حقا يا باراك؟ فأنا كنت أتمنى طوال حياتي لو أني نشأت في هاواي!» •••
من الغريب كيف يمكن أن يغيرك حوار واحد. أو ربما لا يبدو الأمر كذلك إلا عندما تفكر فيه بعد مرور الزمن. فيمر عام وتعرف أنك تشعر بشعور مختلف، لكنك لا تعرف عن يقين ماذا أو لماذا أو كيف؛ لذا فإن عقلك يعود إلى الوراء بحثا عن شيء من الممكن أن يكون هو ما شكل هذا الشعور؛ كلمة، نظرة، لمسة. أعلم أني شعرت أن صوتي عاد إلي، بعد غياب طويل، في ظهر ذلك اليوم مع ريجينا. وظل مهتزا بعد ذلك عرضة للتزييف. لكن في عامي الدراسي الثاني شعرت بذلك الجزء الثابت الصادق من نفسي يصبح أقوى، وأكثر صلابة ليكون بمنزلة جسر بين مستقبلي وماضي.
Shafi da ba'a sani ba