ثم نعود لكم ، إلى قول الشيخ - رحمه الله - في جوابه ، حيث قال : وأما وقوع طلاق الثلاث ، بقوله : أنت طالق ثلاثا ، فليس من إتباع الطلاق للطلاق ، وإنما هو من باب إيقاعه بلفظ واحد ، على خلاف السنة ، وأكثر الأصحاب ، على وقوع الطلاق ثلاثا بذلك ، ومنهم من جعلها واحدة ، لكنه شاذ في الأثر ، فنحن بآثارهم نقتدي ، وبهداهم نهتدي ، إذ لم يقصروا - رحمهم الله - ، عن التماس الهدى ، بل جاهدوا في الله حق جهاده ، { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } (¬1) ، انتهى كلام الشيخ .
وقال - أيضا- في جواب له في نفس المسألة ، ما نصه :
الجواب : الذي عليه الفتوى ، من أهل المذهب - رحمهم الله - أنه لا سبيل له عليها ، لما يروى عن العجلاني : طلق امرأته ثلاثا بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له - عليه السلام - : لا سبيل لك عليها ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن رجلا جاءه ، فقال : يا رسول الله ، إني طلقت امرأتي ألفا ، فقال - عليه السلام - : " بانت منك امرأتك بثلاث ، وتسعمائة وسبعة وتسعون عليك معصية ، وأنت ظالم لها ، وظلمت نفسك " (¬2) ،
¬__________
(¬1) سورة العنكبوت : 69.
(¬2) هذا الحديث : أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، من حديث عبادة بن الصامت ، قال : طلق جدي امرأة له ألف تطليقة ، فانطلق إلى رسول الله ... الخ ، وأجيب بأن راويه ضعيف ، من أن والده عبادة بن الصامت لم يدرك الإسلام ، فكيف بجده ، وأخرج بن أبي شيبة ، في مصنفه ، عن حادثة الطلاق ، وقعت في خلافة عثمان بن عفان ، والسائل مجهول ، والعدد مائة مرة ، وأجابه بمثل جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكذلك روي أن حادثة مثلها ، في خلافة علي بن أبي طالب ، جاءه رجل طلق امرأته ألف مرة ، وأجابه بمثل ذلك ، والله أعلم .
ونقل ذلك ، العلامة الزحيلي ، ج 7 ، ص 412 ، من كتابه " الفقه الإسلامي وأدلته " .
Shafi 13