Dokokin Mulkin Mallaka
الأحكام السلطانية
Mai Buga Littafi
دار الحديث
Inda aka buga
القاهرة
الباب الثالث عشر: "في وضع الجزية والخراج"
وَالْجِزْيَةُ١ وَالْخَرَاجُ حَقَّانِ أَوْصَلَ اللَّهُ ﷾ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ: يَجْتَمِعَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، ثُمَّ تَتَفَرَّعُ أَحْكَامُهُمَا.
فَأَمَّا الْأَوْجُهُ الَّتِي يَجْتَمِعَانِ فِيهَا فَأَحَدُهَا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ عَنْ مُشْرِكٍ صَغَارًا لَهُ وَذِمَّةً٢، وَالثَّانِي: إنَّهُمَا مَا لَا فَيْءٍ؛ يُصْرَفَانِ فِي أَهْلِ الْفَيْءِ.
وَالثَّالِثُ: إنَّهُمَا يَجِبَانِ بِحُلُولِ الْحَوْلِ وَلَا يُسْتَحَقَّانِ قَبْلَهُ.
وَأَمَّا الْأَوْجُهُ الَّتِي يَفْتَرِقَانِ فِيهَا:
فَأَحَدُهَا: إنَّ الْجِزْيَةَ نَصٌّ، وَإنَّ الْخَرَاجَ اجْتِهَادٌ.
وَالثَّانِي: إنَّ أَقَلَّ الْجِزْيَةِ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ وَأَكْثَرَهَا مُقَدَّرٌ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْخَرَاجُ أَقَلُّهُ وَأَكْثَرُهُ مُقَدَّرٌ بِالِاجْتِهَادِ.
وَالثَّالِثُ: إنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مَعَ بَقَاءِ الْكُفْرِ، وَتُقَسَّطُ بِحُدُوثِ الْإِسْلَامِ؛ وَالْخَرَاجُ يُؤْخَذُ مَعَ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، فَأَمَّا الْجِزْيَةُ فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الرُّءُوسِ وَاسْمُهَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَزَاءِ، إمَّا جَزَاءً عَلَى كُفْرِهِمْ؛ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ صَغَارًا، وَإِمَّا جَزَاءً عَلَى أَمَانِنَا لَهُمْ؛ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ رِفْقًا.
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] .
أَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ﴾ فَأَهْلُ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ اللَّهَ
١ الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمّة، والجمع جزى؛ كلحية ولحى، قال ابن الدفع: الجزية: الخراج المجعول عليهم، سميت جزية لأنها قضاء لما عليهم؛ أخذًا من قولهم: جزى يجزي إذا قضى. [المطلع: ص ١٤٠] .
٢ قال النووي: الذمة والعهد والأمان بمعنى الجزية مأخوذ من المجازاة والجزاء؛ لأنها جزاء لكفنا عنهم. [تحرير ألفاظ التنبيه: ص ٣١٨] .
1 / 221