Dokokin Mulkin Mallaka

al-Mawardi d. 450 AH
108

Dokokin Mulkin Mallaka

الأحكام السلطانية

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Inda aka buga

القاهرة

وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَهُ وَاضِحَ الْمَعَانِي وَإِنْ عَدَلُوا عَنْ خَفِيِّ الْقِيَاسِ، فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِاجْتِمَاعِهَا فِيهِ؛ إمَّا بِتَقَدُّمِ مَعْرِفَةٍ، وَإِمَّا بِاخْتِبَارٍ وَمَسْأَلَةٍ. قَدْ قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا ﵇ قَضَاءَ الْيَمَنِ، وَلَمْ يَخْتَبِرْهُ لِعِلْمِهِ بِهِ، وَلَكِنَّهُ وَصَّاهُ تَنْبِيهًا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ فَقَالَ: "إذَا حَضَرَ خَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْكَ فَلَا تَقْضِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ" ١. فَقَالَ عَلِيٌّ ﵇: فَمَا أَشْكَلَتْ عَلَيَّ قَضِيَّةٌ بَعْدَهَا، وَبَعَثَ مُعَاذًا إلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْيَمَنِ وَاخْتَبَرَهُ ﷺ. فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِمَنْ اعْتَقَدَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ ﵀ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ مَنِ اعْتَقَدَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ بِرَأْيِهِ فِي قَضَائِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَلِّدَ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ مَنِ اعْتَزَى إلَى مَذْهَبِهِ، فَإِذَا كَانَ شَافِعِيًّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَصِيرُ فِي أَحْكَامِهِ إلَى أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا، فَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى الْأَخْذِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَمِلَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ، وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مَنِ اعْتَزَى إلَى مَذْهَبٍ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِهِ، فَمُنِعَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُنِعَ الْحَنَفِيُّ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ لِمَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ مِنَ التُّهْمَةِ وَالْمُمَايَلَةِ فِي الْقَضَايَا وَالْأَحْكَامِ، وَإِذَا حَكَمَ بِمَذْهَبٍ لَا يَتَعَدَّاهُ كَانَ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ وَأَرْضَى لِلْخُصُومِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَتْ السِّيَاسَةُ تَقْتَضِيهِ فَأَحْكَامُ الشَّرْعِ لَا تُوجِبُهُ؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ فِيهَا مَحْظُورٌ، وَالِاجْتِهَادَ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ، وَإِذَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ بِحُكْمٍ وَتَجَدَّدَ مِثْلُهُ مِنْ بَعْدُ أَعَادَ الِاجْتِهَادَ فِيهِ، وَقَضَى بِمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَإِنْ خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّ عُمَرَ ﵁ قَضَى فِي الْمُشْرِكَةِ بِالتَّشْرِيكِ فِي عَامٍ، وَتَرَكَ التَّشْرِيكَ فِي غَيْرِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَكَذَا حَكَمْتَ فِي

١ حسن: رواه أبو داود في كتاب الأقضية "٣٥٨٢"، والترمذي في كتاب الأحكام "٣٥٨٢"، وأحمد "٦٩٢"، وحسنه الشيخ الألباني.

1 / 115