[أحكام السواك في السعاية]
[معنى السواك]
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
((لك الحمد يا من فقهنا في الدين، وجعلنا من ورثة سيد المرسلين، أشهد أنك لا إله إلا أنت هو منك الهداية، وإليك النهاية، وبك الوقاية من العذاب المهين، وأصلي وأسلم على رسولك سيد الأنبياء خاتم النبين الذي مهد لنا طرق العناية، وأوضح لنا سبل الدراية نصح عبادك، وجاهد في سبيلك لإعلاء كلمة الدين، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم إلى يوم الدين .
وبعد فيقول الراجي عفو ربه القوي أبوالحسنات محمد عبد الحي اللكنوي ابن مولانا الحاج الحافظ محمد عبد الحليم أدخله دار النعيم ...))(1).
السواك هو بالكسر عود الأراك، والجمع سوك بسكون الواو، والأصل سوك بضمتين، مثل كتب وكتاب، والسواك مثله، والسواك مصدر أيضا.
قال ابن فارس(2): وهو مأخوذ من تساوكت(3) الإبل، واضطربت أعناقها من الهزال.
وقال ابن دريد: سكت الشيء أسوكه سوكا، من باب قال: إذا دلكته، ومنه اشتقاق السواك، كذا في ((المصباح المنير في غريب الشرح الكبير)) للفيومي.
وبه ظهر أنه لا حاجة إلى حذف المضاف في قولهم: والسواك: أي استعماله بناء على أن السنة هو استعماله، لا السواك نفسه، كما صدر عن كثير من الشراح.
Shafi 6
ولا بد علينا أن نبسط أولا الأخبار الواردة في فضل السواك، والترغيب إليه بعض البسط، ثم نخوض في المذاهب الواقعة فيه، وما يتعلق بها:
فاعلم أنه روى البخاري(1) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)).
ورواه مسلم(2)، بلفظ: ((عند كل صلاة )).
وكذلك رواه أحمد في ((مسنده))(3) من حديث علي مرفوعا، ............................... وكذلك النسائي(4)، وابن ماجة(5)، وابن حبان في ((صحيحه))، بلفظ: ((لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة)).
Shafi 7
ورواه أحمد في ((مسنده))(6) ، وابن خزيمة في ((صحيحه))، بلفظ: ((لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)).
ورواه أبو داود(1)، بلفظ: ((لولا أن أشق على المؤمنين، لأمرتهم بتأخير العشاء، وبالسواك عند كل صلاة)).
ورواه أحمد(2) عنه: ((لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وتأخير العشاء)).
وروى الطبراني في ((الأوسط))، قال المنذري في كتاب ((الترغيب والترهيب)): إسناده حسن، عن علي مرفوعا: ((لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)).
وروى أحمد عن زينب مرفوعا(3): ((لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، كما يتوضئون)).
قال المنذري: إسناده جيد، ورواه البزار، والطبراني في ((الكبير)) من حديث العباس بن عبد المطلب، بلفظ: ((لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك عند كل صلاة، كما فرضت عليهم الوضوء)).
Shafi 8
وروى أحمد في ((مسنده))(1) عن تمام بن عباس(2)، قال: أتوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال: ((ما لي أراكم تأتوني قلحا(3)، استاكوا، لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك، كما فرضت عليهم الوضوء)).
وروى أبو يعلى عن عائشة، قالت: ((ما زال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يذكر السواك، حتى حسبت أن ينزل فيه قرآن )).
وروى النسائي(4)، وابن خزيمة في ((صحيحه))، وابن حبان في ((صحيحه)) عن عائشة مرفوعا: ((السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب)).
ورواه الطبراني في ((الأوسط))، و((الكبير)) من حديث ابن عباس وزاد: ((ومجلاة للبصر )).
Shafi 9
وروى الترمذي(1) وحسنه(2)، عن أبي أيوب مرفوعا: ((أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح)).
قال الطيبي في ((شرح المشكاة)): اختصر المظهر كلام التوريشتي، وقال في الحياء: ثلاث روايات بالحاء المهملة، والياء التحتانية، يعني به ما يقتضي الحياء في الدين، كستر العورة، والتنزه عما يأباه المروة، ويذمه الشرع من الفواحش.
لا الحياء الجبلي نفسه، فإنه لي بمكتسب، وإنه مشترك بين الناس.
وثانيهما: الختان: بخاء معجمة، وتاء مثناة فوقية، وهي من سنة الأنبياء، كما سبق، من لدن إبراهيم عليه السلام إلى زمان نبينا.
وروي أن آدم، وشيثا، ونوحا، وصالحا، ولوطا، وشعيبا، ويوسف، وموسى وسليمان، وزكريا، وعيسى، وحنظلة بن صفوان بني أصحاب الرس، ومحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولدوا مختونين.
وثالثهما: الحناء: بالحاء المهملة، وتشديد النون، وهذه الرواية غير صحيحة، ولعلها تصحيف، لأنه يحرم على الرجال خضاب اليد والرجل، تشبها بالنساء.
وأما خضاب الشعر به، فلم يكن قبل نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يصح إسناده إلى المسلمين. انتهى كلامه.
Shafi 10
وفي ((شرح المصابيح)) للبيضاوي: روى الحياء بالياء التحتية وبالنون، وهو أوفق للتعطر، وهو بحذف مضاف، أي استعمال الحناء، فإن الحناء نفسه، ليس بسنة. انتهى.
وقال ابن حجر المكي في رسالته ((شن الغارة عمن أظهر معرة تقوله في الحناء وعواره )): هذا الذي ذكره في الحديث تصحيف فاحش، كما صرح به النووي في ((شرح المهذب))، وعبارته بعد ذكر الحديث المذكور، قوله الحياء: بالياء لا بالنون ضبطته لأني رأيت من صحفه في عصرنا.
وقد ذكر الإمام أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه ((الاسغناء في استعمال الحناء))، وأوضحه، وقالض: هو مختلف في إسناده ومتنه.
ويروى عن عائشة، وابن عباس، وأنس، كلهم اتفقوا على لفظ ((الحياء))، قال وكذا أورده الطبراني، والدارقطني ، وابن مندة وغيرهم من الحفاظ والأئمة، وكذا هو في مسند الإمام أحمد(1)، وغيره. انتهى الكلامه.
وروى أحمد في ((مسنده))(2) عن أبي بكر الصديق مرفوعا: ((السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب)).
وروى من حديث ابن عمر مرفوعا(3): ((عليكم بالسواك، فإنه مطيبة(4) للفم، ومرضاة للرب)).
Shafi 11
وروى عنه(1)، قال: (( أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا ينام، إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ، بدأ بالسواك)).
وروى عن أبي هريرة(2)، قال: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء )).
قال أبو هريرة: لقد كنت أستن قبل أن أنام، وبعد ما أستيقظ، وقبل ما آكل، وبعد ما آكل حين
سمعته يقوله(3).
وروى مسلم(4)، وغيره(5)، عن شريح(6)، قال: ((قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل بيته، قالت: بالسواك )).
قال المناوي في ((شرح الجامع الصغير)): هذا لأجل السلام على أهل، فإن السلام اسم شريف، فاستعمل السواك للإتيان به، وليطيب فمه لتقبيل زوجاته. انتهى.
Shafi 12
وروى الطبراني عن زيد بن خالد الجهني، قال: ((ما كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرج من بيته، لشيء من الصلوات حتى يستاك)).
قال المنذري: إسناده لا بأس به.
وروى ابن ماجة، والنسائي، قال المنذري رواته ثقات، عن ابن عباس، قال: ((كان رسول الله يصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصرف، فيستاك )).
وروى أبو نعيم في كتاب ((السواك))، قال المنذري: بإسناده جيد، عن ابن عباس: ((أن رسول الله قال: لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك.
وروى أيضا: بإسناد حسن عن جابر مرفوعا: ((ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك)).
وروى أحمد(1)، والبزار، وأبويعلى، وابن خزيمة، والحاكم عن عائشة، قال: ((فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك، سبعين ضعفا )).
قال ابن خزيمة: في القلب منه شيء، فإني أخاف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من ابن شهاب.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قال المنذري: محمد بن إسحاق إنما أخرج له مسلم في المتابعات.
وروى أبو نعيم من حديث ابن عمر مرفوعا: ((صلاة على أثر سواك، أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك)).
قال الحافظ زين الدين العراقي في ((تخريج أحاديث الإحياء))، المسمى ب((المغنى)): إسناده ضعيف.
Shafi 13
وروى البزار، قال المنذري: إسناده جيد عن علي مرفوعا: ((إذا تسوك العبد، ثم قام يصلي قام الملك خلفه، فيسمع بقراءته، فيدنو منه، حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك، فطهروا أفواهكم للقرآن )).
قال المنذري: ورواه ابن ماجة بعضه موقوفا، ولعله أشبه.
وروى الطبراني عن أم سلمة مرفوعا: ((ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي )).
قال المنذري: رواته رواة الصحيح.
وروى أحمد(1)، والطبراني، وأبو يعلى، عن ابن عباس مرفوعا: ((لقد أمرت بالسواك، حتى ظننت أن ينزل فيه علي قرآن أو وحي)).
وروى ابن ماجة(2)، عن أبي أمامة مرفوعا: (( تسوكوا، فإن السواك مطهرة للفم، ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك، حتى لقد خشيت أن يفرض علي، وعلى أمتي، ولولا أن أشق على أمتي لفرضته عليهم )).
وروى الخطيب في كتاب ((أسماء من روى عن مالك)): عن أبي هريرة: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يروحون والسواك على آذانهم ))، ذكره العراقي في ((المغني)).
وروى ابن أبي شيبة، عن صالح: ((أن عبادة بن الصامت، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانوا يروحون والسواك على آذانهم)).
Shafi 14
وروى أبو داود(1)عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زيد بن خالد الجهني، قال: (( سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )).
قال أبو سلمة: فرأيت زيدا يجلس في المسجد، وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، فكلما قام إلى الصلاة استاك.
ورواه الترمذي(2)، وقال: حسن صحيح، وفيه قال: ((فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد، وسواكه على أذنه، موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا أستن، ثم رده إلى موضعه)).
Shafi 15
وروى أبو داود(1) عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله(2) بن عمر، قال: قلت: أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهرا، وغير طاهر عم ذاك(3)، فقال: حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا (4)، فلما شق ذلك عليه، أمر بالسواك لكل صلاة )).
وروى(5) عن أبي بردة عن أبيه، قال: ((أتينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نستحمله، فرأيته يستاك على لسانه )).
وفي رواية له عنه(6)، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يستاك، وقد وضع السواك على طرف لسانه، وهو يقول إه إه، يعني يتهوع )).
قال الشيخ ولي الدين العراقي: بفتح الهمزة وسكون الهاء، كذا في أصلنا، وكذا حكاه الشيخ تقي الدين عن ضبط ابن طاهر في الأصل.
Shafi 16
وقال النووي في ((شرحه)): هو بهمزة مضمومة، وقيل: مفتوحة ثم هاء ساكنة، كذا في ((مرقاة الصعود)).
وروى(1) عن عائشة، قالت : ((كان نبي الله عليه السلام يستاك، فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به، فأستاك، ثم أغسله، وأدفعه إليه )).
وروى(2) عنها مرفوعا (( عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء ...))الحديث.
وروى(3) عن حذيفة، قال: (( أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا قام من الليل، يشوص فاه بالسواك )).
Shafi 17
وروى(1) عن عائشة: ((أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يرقد من ليل، ولا
نهار، فيستيقظ، إلا تسوك قبل أن يتوضأ)).
وروى(2) عن ابن عباس، قال: ((بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلما استيقظ من منامه، أتى طهوره، فأخذ سواكه، فاستاك، ثم تلا هذه الآيات: {إن في خلق السموات والأرض...}(3)الآية، ثم توضأ ...))الحديث.
وروى البزار عن أبي هريرة، والطبراني عن أبي الدرداء مرفوعا: ((الطهارات أربع: قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار، والسواك )).
وروى العقيلي، وأبو نعيم، عن عائشة، قالت: ((كان رسول اله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سافر حمل السواك، والمشط، والمكحلة، والمرآة )).
قال العيني في ((البناية)): أعله ابن الجوزي.
Shafi 18
وروى ابن ماجة عنها، قالت: ((كنت أصنع له ثلاث آنية مجمرة لطهوره، وإناء لسواكه، وإناء لشرابه )).
قال العيني: إسناده ضعيف.
وذكر الغزالي في ((الإحياء)):عن عائشة: ((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سافر حمل معه خمسة أشياء: المرآة، والمكحلة، والمدرا، والسواك، والمشط )).
قال الحافظ العراقي في ((المغني)): أخرجه الطبراني في ((الأوسط))، والبيهقي في ((سننه))، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق))، واللفظ له، وطرقه كلها ضعيفة. انتهى.
وروى الطبراني: عن واثلة بن الأسقع مرفوعا: ((أمرت بالسواك، حتى خشيت أن يكتب علي)).
قال العيني: فيه إياس بن أبي سليم: وهو ضعيف.
وروى الطبراني من حديث جابر: ((كان السواك من أذن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم موضع القلم من أذن الكاتب )).
قال العيني: في إسناده يحيى بن اليماني، وقد تفرد به، وسئل أبو زرعة عنه في ((العلل))، فقال: وهم فيه يحيى، وإنما هو عن عبد الله بن إسحاق عن أبي سلمة عن زيد بن خالد.انتهى.
وروى البزار، والطبراني، والبغوي، وابن حبان، من حديث العامري: ((كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: تدخلون على قلحا استاكوا )).
قال العيني: القلح بضم القاف، وسكون اللام، في آخره حاء مهملة، جمع أقلح يقال: قلح الرجل بالكسر، قلحا هو صفرة الأسنان.
وروى أبو نعيم مرفوعا: ((السواك يذهب البلغم، ويفرح الملائكة، ويوافق السنة )).
Shafi 19
وروى الطبراني في ((الأوسط)): من حديث معاذ مرفوعا: ((نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة، يطيب الفم، وهو سواكي، وسواك الأنبياء من قبلي )).
وقال العيني في ((البناية)): قد روى الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)): حديث السواك عن ستة من الصحابة، وأخرجته أنا في ((شرحه)) عن أربعين صحابيا، من أراد الوقوف عليها، فعليه مراجعته. انتهى.
وروى البخاري عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، قال:((أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوجدته يستن بسواك بيده، يقول: أع أع، والسواك فيه كأنه يتهوع )).
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)): أع أع: بضم الهمزة، وسكون المهملة، كذا في رواية أبي ذر.
وأشار ابن التين إلى أن غيره رواه بفتح الهمزة.
ورواه النسائي، وابن خزيمة: عن أحمد، عن حماد بتقديم العين على الهمزة.
وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي، ولأبي داود بهمزة مكسورة، ثم هاء.
وللجزوقي: بخاء معجمة بدل الهاء، والرواية الأولى أشهر، وإنما اختلف الرواة لتقارب مخارج هذه الحروف، وكلها ترجع إلى حكاية صوته، إذا جعل السواك على طرف لسانه، كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل.
Shafi 20
كما عند أحمد: ((يستن إلى فوق))(1)، ولهذا قال: ها هنا كأنه يتهوع، والتهوع: التقيء، أي له صوت كصوت التقيء.
ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا، وفيه حديث مرسل لأبي داود، وله شاهد موصول عند العقيلي في ((الضعفاء)). انتهى.
وفي ((المقاصد الحسنة)) للسخاوي حديث: ((استاكوا عرضا، وادهنوا غبا، واكتحلوا وترا ))، قال ابن الصلاح: بحثت عنه، فلم أجد له أصلا ، ولا ذكر في شيء من كتب الحديث، وقد عقد البيهقي بابا في الاستياك عرضا، ولم يذكر فيه حديثا يحتج به، يشير بذلك إلى ما أخرجه أبو داود في ((مراسيله))، والبيهقي من جهته من حديث: محمد بن خالد القرشي عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا )).
Shafi 21
وعند البيهقي، والبغوي، والعقيلي، وابن عدي، وابن مندة، وابن قانع والطبراني، من حديث ابن كثير: وهو ضعيف، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن بهز قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستاك عرضا، ويشرب مصا، ويتنفس ثلاثا، ويقول: هو أهنأ وأبرأ )).
وذكر أبو نعيم في ((الصحابة)): ما يدل على أن بهز هو ابن حكيم ابن معاوية القشيري.
وعلى هذا فهو منقطع، وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر، وذلك لأن مخيس بن تميم، رواه عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. انتهى ملخصا.
وفي ((الإصابة في أحوال الصحابة)) للحافظ ابن حجر: بهز القشيري، ويقال البهزي، ذكره البغوي، وغيره، في الصحابة.
وأخرجوا له من طريق ثبيت بالثاء المثلثة ثم الموحدة آخر مثناة مصغرا، ابن كثير الضبي، عن يحيى ابن سعيد بن المسيب، عن بهز، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستاك عرضا )).
قال البغوي:لا أعلم روى بهزا إلا هذا،وهو منكر
وذكر ابن عبد البر: أن إسناده مضطرب ليس بالقائم. انتهى ملخصا.
وروى أبو نعيم في كتاب((الاستياك))من حديث عائشة،قالت:((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستاك عرضا،ولا يستاك طولا)).
قال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) في سنده عبد الله بن حكيم، وهو متروك. انتهى.
إذا وعيت ما ألقيناه عليك، فالبحث هاهنا من وجوه :
Shafi 22
البحث(1)الأول
مسألة السواك مخمسة الأقوال:
أحدها: أنه واجب لكل صلاة وجوبا اشتراطيا، حتى لو تركه عمدا بطلت صلاته، حكاه العيني في ((البناية)) عن إسحاق بن راهوية.
وثانيها: أنه واجب لكن ليس بشرط، قال الزرقاني في ((شرح الموطأ)): عند شرح حديث ((لأمرتهم بالسواك))، قال الشيخ أبو إسحاق في ((شرح اللمع)): في الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب، ليس بأمر حقيقة، لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به. انتهى.
ويؤيده قوله في رواية سعيد المقبري، عن أبي هريرة عند النسائي بلفظ: ((لفرضت عليهم))، بدل ((لأمرت)).
وقال الشافعي: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب، لأنه لو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق.
وإلى القول بعدم وجوبه صار أكثر أهل العلم، بل ادعى بعضهم فيه الإجماع، لكن حكى أبو حامد، وتبعه الماوردي عن ابن راهويه أنه قال: هو واجب لكل صلاة، فمن تركه عامدا، بطلت صلاته، وعن داود: واجب، لكن ليس شرطا.
واحتج من قال: بوجوبه بورود الأمر فيه، فعند ابن ماجة عن أبي أمامة مرفوعا ((تسوكوا))، ولأحمد نحوه في حديث العباس.انتهى.
Shafi 23
وفي أثار الإمام محمد: أخبرانا أبو حنيفة، حدثنا أبو علي عن تمام، عن جعفر بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((أنه مالي أراكم تدخلون علي قلحا استاكوا، ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا عند كل صلاة )).
قال محمد: السواك عندنا من السنة، لا ينبغي أن يترك، أخبرنا أو حنيفة عن حماد، عن إبراهيم، قال: يستاك المحرم من الرجال والنساء.
قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة. انتهى.
وثالثها: أنه من السنن عند ابتداء الوضوء، وعند ابتداء الصلاة، وهو مذهب الشافعية.
قال ابن أرسلان الشافعي في أرجوزته المسماة ((بصفوة الزبد)) في (باب السواك):
يسن لا بعد زوال الصائم
وأكدوه لانتباه النائم
وزد لتغيير فم وللصلاة
ومن باليمنى وبالأراك
وقال في (باب الوضوء):
والسنن السواك ثم بسملا
واغسل يديك قبل ما أن تدخلا
واستدلوا على ذلك بالأحاديث الواردة بلفظ: ((لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )).
وبلفظ: ((عند كل وضوء))، هاهنا بينها.
وأجاب أصحابنا عنه بأن رواية ((عند كل صلاة))، محمول على ابتداء الوضوء، لأن السواك الواقع للوضوء، واقع للصلاة.
والسواك عند الصلاة ربما جرح الفم، وأخرج الدم، وهو نجس بلا خلاف، وإن كان الخلاف في انتقاض الوضوء به، فيجتنب عن ذلك، كذا في ((البناية)).
Shafi 24
وقال علي القاري في ((المرقاة)): إنما لم يجعله علماؤنا من سنن الصلاة نفسها، لأنه مظنة جزاحة اللثة، وخروج الدم، وهو ناقض عندنا، فربما يفضي إلى حرج، ولأنه لم يرو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استاك عند قيامه إلى الصلاة، فيحمل قوله: ((لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة))، على كل وضوء، بدليل رواية أحمد، والطبراني: ((عند كل وضوء)).
وقد قال بعض علمائنا الصوفية في نصائحه:
منها: مداومة السواك لا سيما عند الصلاة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )).
رواه الشيخان(1).
وروى أحمد(2) مرفوعا: (( صلاة بسواك، أفضل من سبعين بغير سواك)).
والباء للإلصاق أو المصاحبة، وحقيتهما في ما اتصل حسا أو عرفا، وكذا حقيقة كلمة: مع، وعند.
والنصوص محمولة على ظواهرها إذا أمكن، وقد أمكن هاهنا، فلا مساغ إذا إلى الحمل على المجاز، أو تقدير مضاف.
وقد ذكر السواك عند نفس الصلاة في كتب الحنفية المعتبرة، قال في ((التاترخانية)): يستحب السواك عندنا عند كل صلاة، ووضوء، وكل شيء يغير الفم، وعند اليقظة. انتهى.
وقال الفاضل المحقق ابن الهمام في ((شرح الهداية)): يستحب في خمسة مواضع: اصفرار السن، وتغيير الرائحة، والقيام من النوم، والقيام إلى الصلاة، وعند الوضوء. انتهى.
Shafi 25