68

Dokokin Alkur'ani

أحكام القرآن لابن العربي

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الثالثة

Shekarar Bugawa

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

وَهِيَ مُعَارَضَةُ الْآيَةِ، وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ «عُرْوَةَ قُلْت لِعَائِشَةَ ﵂: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ ﵎: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] الْآيَةُ فَوَاَللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: بِئْسَ مَا قُلْت يَا ابْنَ أُخْتِي، إنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا تَأَوَّلْتَهَا لَكَانَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ﴾ [البقرة: ١٥٨] ثُمَّ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا»، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: إنَّ هَذَا الْعِلْمُ، أَيْ مَا سَمِعْت بِهِ. تَحْقِيقُ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَفْهِيمُهُ: اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَا جُنَاحَ عَلَيْك أَنْ تَفْعَلَ، إبَاحَةٌ لِلْفِعْلِ، وَقَوْلَهُ: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك أَلَا تَفْعَلَ) إبَاحَةٌ لِتَرْكِ الْفِعْلِ؛ فَلَمَّا سَمِعَ عُرْوَةَ ﵁ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨] قَالَ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الطَّوَافِ جَائِزٌ، ثُمَّ رَأَى الشَّرِيعَةَ مُطْبِقَةً عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهِ، فَطَلَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ ﵂: لَيْسَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨] دَلِيلًا عَلَى تَرْكِ الطَّوَافِ؛ إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهِ لَوْ كَانَ: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ). فَلَمْ يَأْتِ هَذَا اللَّفْظُ لِإِبَاحَةِ تَرْكِ الطَّوَافِ، وَلَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ لِإِفَادَةِ إبَاحَةِ الطَّوَافِ لِمَنْ كَانَ

1 / 70