Hukuncin Alkur'ani
أحكام القرآن
Bincike
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Inda aka buga
بيروت
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِأَمْرِ الدِّينِ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَعَظَائِمِهَا لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَبْلُغْ مَأْثَمُهُ النِّسْبَةَ إلَى الْجَهْلِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مِسْعَرٍ أَنَّهُ تَقَدَّمَ إلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي قَالَ وَعَلَيَّ جُبَّةُ صُوفٍ وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ كَثِيرَ الْمَزْحِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَصُوفُ نَعْجَةٍ جُبَّتُك أَمْ صُوفُ كَبْشٍ فَقُلْت لَهُ لَا تَجْهَلْ أَبْقَاكَ اللَّهُ قَالَ وَأَنَّى وَجَدْت الْمِزَاحَ جَهْلًا فَتَلَوْت عَلَيْهِ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ من الجاهلين قَالَ فَأَعْرَضِ وَاشْتَغَلَ بِكَلَامٍ آخَرَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى ﵇ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا بِقَتْلِ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ الْكُفْرُ وَإِنَّمَا كَانَ مَأْمُورًا بِالنَّظَرِ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لِنَبِيِّ الله أتتخذنا هزوا كُفْرٌ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ لِمُوسَى [اجْعَلْ لَنا إِلهًا كَما لَهُمْ آلِهَةٌ] ويدل عَلَى أَنَّ كُفْرَهُمْ هَذَا لَمْ يُوجِبْ فُرْقَةً بين نسائهم وبينهم لأنه لم يأمرهم بِفِرَاقِهِنَّ وَلَا تَقْرِيرِ نِكَاحٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ وقَوْله تعالى [وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يَسَّرَهُ الْعَبْدُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَدَامَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ سيظهره وهو كَمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ (إنَّ عَبْدًا لَوْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حِجَابًا لَأَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ الْمَعْصِيَةُ)
وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إلَى مُوسَى ﵇ قُلْ لِبَنِي إسْرَائِيلَ يُخْفُوا لِي أَعْمَالَهُمْ وَعَلَيَّ أَنْ أُظْهِرَهَا وقَوْله تَعَالَى [وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ] عَامٌّ وَالْمُرَادُ خَاصٌّ لِأَنَّ كُلَّهُمْ مَا عَلِمُوا بِالْقَاتِلِ بِعَيْنِهِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قوله [وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ] عَامًّا فِي سَائِرِ النَّاسِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بنفسه وهو عاما فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا حِرْمَانُ مِيرَاثِ الْمَقْتُولِ رَوَى أَبُو أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ لَهُ ذُو قَرَابَةٍ وَهُوَ وَارِثُهُ فَقَتَلَهُ لِيَرِثَهُ ثُمَّ ذَهَبَ فَأَلْقَاهُ عَلَى بَابِ قَوْمٍ آخَرِينَ وَذَكَرَ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ وَذَكَرَ بَعْدَهَا فَلَمْ يُوَرَّثْ بَعْدَهَا قَاتِلٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مِيرَاثِ الْقَاتِلِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً
وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ دِيَتِهِ وَلَا مِنْ سَائِرِ مَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا إنْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَرِثَ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ قَاتِلُ الْخَطَإِ يَرِثُ دُونَ قَاتِلِ الْعَمْدِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَإِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ عَمْدًا مِنْ دِيَةِ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا وَلَا مِنْ مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذَا قَتَلَ الباغي العادل
1 / 43