371

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Editsa

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ هَذَا أَحَدَ أَقْسَامِ الْبَيَانِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبَيَانِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيَانِ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعَةٌ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إلَى الْبَيَانِ وَلَا إشْكَالَ عَلَى أَحَدٍ فِيهِ فَجَاعِلُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيَانِ مُغَفَّلٌ فِي قَوْلِهِ
قَوْله تعالى [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مَا هِيَ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهَا شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وروى عن عبد الله ابن مَسْعُودٍ أَنَّهَا شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي راوية أُخْرَى مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَ قَائِلُونَ وَجَائِزٌ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُرَادُ مَنْ قَالَ وَذُو الْحِجَّةِ أَنَّهُ بَعْضُهُ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا مَحَالَةَ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الْأَشْهُرِ لَا فِي جَمِيعِهَا لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ يَبْقَى بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى شَيْءٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَقَالُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى ذِي الْحِجَّةِ كُلِّهِ مُرَادُهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ أَشْهُرَ الْحَجِّ كَانَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَهُ فِعْلَ الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِهَا كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ اسْتِحْبَابُهُمْ لِفِعْلِ الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَحَجُّهُ فَائِتٌ وَلَا تَنَازُعَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَجْوِيزِ إرَادَةِ الشَّهْرَيْنِ وَبَعْضِ الثالث بقوله [أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ] كَمَا
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ يَوْمَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ
وَيَقُولُونَ حَجَجْتُ عَامَ كَذَا وَإِنَّمَا الْحَجُّ فِي بَعْضِهِ وَلَقِيتُ فُلَانًا سَنَةَ كَذَا وَإِنَّمَا كان لقاؤه في بعضها وكلمته يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ وَذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ الْخِطَابِ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِغْرَاقُ الْفِعْلِ لِلْوَقْتِ كَانَ الْمَعْقُولُ مِنْهُ الْبَعْضَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ شَائِعٌ مُسْتَقِيمٌ وَهُوَ يَنْتَظِمُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى الْأَشْهُرِ الْمَعْلُومَاتِ وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ كَانُوا ينسئون الشهور فيجعلون صفر المحرم ويستحلون المحرم على حسب ما يَتَّفِقُ لَهُمْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُرِيدُونَ فِيهَا الْقِتَالَ فَأَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى النَّسِيءَ وَأَقَرَّ وَقْتَ الْحَجَّ عَلَى مَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ خلق السموات كما
قال ﷺ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ
قَالَ اللَّهُ تعالى [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ]

1 / 373