Hukuncin Alkur'ani
أحكام القرآن
Bincike
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Tafsiri
وَأَكْمَلِهِمْ خُلُقًا وَأَفْضَلِهِمْ رَأْيَا فَمَا طَعَنَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي كَمَالِ عَقْلِهِ وَوُفُورِ حِلْمِهِ وَصِحَّةِ فَهْمِهِ وَجَوْدَةِ رَأْيِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفُهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ قَدْ أَرْسَلَهُ إلَى خَلْقِهِ كَافَّةً ثُمَّ جَعَلَ عَلَامَةَ نُبُوَّتِهِ وَدَلَالَةَ صِدْقِهِ كَلَامًا يُظْهِرُهُ وَيَقْرَعُهُمْ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ فَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ كَذِبُهُ وَبُطْلَانُ دَعْوَاهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يتحدهم بذلك ولم يقرعهم بالعجز عنه إلا هو مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا يَقْدِرُ الْعِبَادُ عَلَى مِثْلِهِ الثَّالِثُ
قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ [فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا] فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يُعَارِضُونَهُ وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَذَلِكَ إخْبَارٌ بِالْغَيْبِ وَوُجِدَ مُخْبِرُهُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ وَلَا تَتَعَلَّقُ هَذِهِ بِإِعْجَازِ النُّظُمُ بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا فِي تَصْحِيحِ نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِالْغَيْبِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِي أَنَّكُمْ مَعَ صِحَّةِ أَعْضَائِكُمْ وَسَلَامَةِ جَوَارِحُكُمْ لَا يَقَعُ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَمَسَّ رَأْسَهُ وَأَنْ يَقُومَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَعَ سَلَامَةِ أَعْضَائِهِمْ وَجَوَارِحِهِمْ وَتَقْرِيعِهِمْ بِهِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ إذْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إلَّا كَوْنُهُ مِنْ قِبَلِ الْقَادِرِ الْحَكِيمِ الَّذِي صَرَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ تَحَدَّى اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا] فَلَمَّا ظَهَرَ عَجْزُهُمْ قَالَ [فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ] فَلَمَّا عَجَزُوا قَالَ [فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ] فَتَحَدَّاهُمْ بِالْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْهُ فَلَمَّا ظَهَرَ عَجْزُهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ وَأَعْرَضُوا عَنْ طَرِيق الْمُحَاجَّةِ وَصَمَّمُوا عَلَى الْقِتَالِ وَالْمُغَالَبَةِ أَمَرَ اللَّهِ نَبِيَّهُ بِقِتَالِهِمْ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى [وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ] إنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَصْنَامَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَقِيلَ إنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ مِنْ يُصَدِّقُكُمْ وَيُوَافِقُكُمْ عَلَى قَوْلِكُمْ وَأَفَادَ بِذَلِكَ عَجْزَ الْجَمِيعِ عَنْهُ فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ وَالِانْفِرَادِ كَقَوْلِهِ [لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا] فَقَدْ انْتَظَمَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ مِنْ ابْتِدَائِهَا إلَى حَيْثُ انْتَهَيْنَا إلَيْهِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ الْأَمْرُ والتبدئة باسم اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْلِيمُنَا حَمْدَهُ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالرَّغْبَةَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ إلَى الطَّرِيقِ المؤدى إلى معرفته وإلى جَنَّتِهِ وَرِضْوَانِهِ دُونَ طَرِيقِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِغَضَبِهِ وَالضَّالِّينَ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَشُكْرِهِ عَلَى نِعْمَتِهِ ثُمَّ ابْتَدَأَ في سورة
1 / 34