316

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Bincike

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
فَلَمَّا وَجَبَ أَنْ يُوَفَّى كُلُّ لَفْظٍ حَقَّهُ مِمَّا اقْتَضَاهُ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَائِدَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى سَائِرِ الْأَهِلَّةِ وَأَنَّهَا مَوَاقِيتُ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَسَنَتَكَلَّمُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ بُلُوغِنَا إلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ [قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ] قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ إذَا وَجَبَتَا مِنْ
رَجُلٍ وَاحِدٍ يُكْتَفَى فِيهِمَا بِمُضِيِّهَا لَهُمَا جَمِيعًا وَلَا تُسْتَأْنَفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِيَضًا وَلَا شُهُورًا غَيْرَ مُدَّةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخَصِّصْ إحْدَاهُمَا حِينَ جَعَلَهَا وَقْتًا لِجَمِيعِ النَّاسِ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ وَمُضِيُّ مُدَّةِ الْعِدَّةِ هُوَ وَقْتٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ [فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها] فَجَعَلَ الْعِدَّةَ حَقًّا لِلزَّوْجِ ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ مُرُورَ الْأَوْقَاتِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْأَهِلَّةَ وَقْتًا لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ وَجَبَ أَنْ يُكْتَفَى بِمُضِيِّ وَاحِدَةٍ لِلْعِدَّتَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى [قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ] قَدْ عُقِلَ مِنْ مَفْهُومِ خِطَابِهِ أَنَّهَا تَكُونُ مُدَّةً لِإِجَارَةِ جَمِيعِ النَّاسِ وَمَحَلًّا لِجَمِيعِ دُيُونِهِمْ وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَخْتَصَّ لِنَفْسِهِ بِبَعْضِ الْأَهِلَّةِ دُونَ بَعْضٍ كَذَلِكَ مَفْهُومُ الْآيَةِ فِي الْعِدَّةِ قَدْ اقْتَضَى مُضِيَّ مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ لِرَجُلَيْنِ وَقَدْ دَلَّ قَوْله تعالى [قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ] عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ إذَا كَانَ ابْتِدَاؤُهَا بِالْهِلَالِ وَكَانَتْ بِالشُّهُورِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ اسْتِيفَاؤُهَا بِالْأَهِلَّةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً وَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بِالْأَهِلَّةِ وَأَنَّ لَا تَعْتَبِرَ عَدَدَ الْأَيَّامِ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَهْرَ الصَّوْمِ مُعْتَبَرٌ بِالْهِلَالِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يُرْجَعُ إلَى الْعَدَدِ عِنْدَ فَقْدِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ مُضِيَّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مُعْتَبَرٌ بِالْأَهِلَّةِ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ دُونَ اعْتِبَارِ الثَّلَاثِينَ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْإِجَارَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَآجَالِ الدُّيُونِ مَتَى كَانَ ابْتِدَاؤُهَا بِالْهِلَالِ كَانَ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ وَسَقَطَ اعْتِبَارُ عَدَدِ الثَّلَاثِينَ وَبِذَلِكَ
حَكَمَ النَّبِيُّ ﷺ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ)
بِالرُّجُوعِ إلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ عند فقد الرؤية وأما قوله [وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها] فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ فِيهِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الجرجاني قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إذَا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ وَيَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ مُهِلَّا بِالْعُمْرَةِ فيبدو له الحاجة بعد ما يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فَيَرْجِعُ وَلَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ مِنْ أَجْلِ سَقْفِ الْبَابِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ فَيَفْتَحُ الْجِدَارَ مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ يَقُومُ عَلَى حُجْرَتِهِ فَيَأْمُرُ

1 / 318