303

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Bincike

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
فَإِنْ قِيلَ تَحْدِيدُ الْعَشَرَةِ لِمَا
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ
وَرُوِيَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَوَّالٍ فِي بَعْضِ السِّنِينَ
وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ ﷺ لِلِاعْتِكَافِ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُوجِبِ عَلَى أَحَدٍ اعْتِكَافًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِلِاعْتِكَافِ عَلَى الْوُجُوبِ فَتَحْدِيدُ الْعَشَرَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ بِفِعْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْفَ عَنْ غَيْرِهِ فَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ اعْتِكَافَ الْعَشَرَةِ جَائِزٌ وَنَفْيُ مَا دُونَهَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وَلَمْ يَحُدَّهُ بِوَقْتٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِمُدَّةٍ فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ الِاعْتِكَافُ هَلْ يَجُوزُ بِغَيْرِ صَوْمٍ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الِاعْتِكَافَ اسْمٌ شَرْعِيٌّ وَمَا كَانَ هَذَا حُكْمَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجْمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى الْبَيَانِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالُوا الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ سُنَّةِ الْمُعْتَكِفِ أَنْ يَصُومَ
وَرَوَى حاتم ابن إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَ آخَرُونَ يَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ رَوَى الْحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَقَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالُوا إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْ وَرَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابن عباس مثله واختلف فيه أَيْضًا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الِاعْتِكَافُ فِي رَمَضَانَ وَالْجَوَارُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَمَنْ جَاوَرَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُعْتَكِفِ مِنْ الصِّيَامِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا كَانَ الِاعْتِكَافُ اسْمًا مُجْمِلًا لِمَا بَيَّنَّا كَانَ مُفْتَقِرًا إلَى الْبَيَانِ فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي اعْتِكَافِهِ فَهُوَ وَارِدٌ مَوْرِدَ الْبَيَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونُ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّ فِعْلَهُ إذَا وَرَدَ مَوْرِدَ الْبَيَانِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ فَلَمَّا
ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ
وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ مِنْ شُرُوطِهِ الَّتِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ كَفِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ

1 / 305