214

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Editsa

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
ازْدَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ شِدَّةً زِيَادَةً بَيِّنَةً أَفْطَرَ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً لَمْ يُفْطِرْ فَثَبَتَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْمَرِيضِ مَوْقُوفَةً عَلَى زِيَادَةِ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ وَأَنَّهُ مَا لَمْ يَخْشَ الضَّرَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْمَرِيضِ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَوْفِ الضَّرَرِ مَا
رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وَالصَّوْمَ وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ)
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُخْصَتَهُمَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدَيْهِمَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الْإِفْطَارِ فِي مِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِخَوْفِ الضَّرَرِ إذْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ صَحِيحَتَانِ لَا مَرَضَ بِهِمَا وَأُبِيحَ لَهُمَا الْإِفْطَارُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسَافِرِ الْإِفْطَارَ وَلَيْسَ لِلسَّفَرِ حَدٌّ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ أَقَلِّهِ وَبَيْنَ مَا هُوَ دُونَهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لِلسَّفَرِ الْمُبِيحِ لِلْإِفْطَارِ مِقْدَارًا مَعْلُومًا فِي الشَّرْعِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَقَالَ آخَرُونَ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَمْ يَكُنْ لِلُّغَةِ فِي ذَلِكَ حَظٌّ إذْ لَيْسَ فِيهَا حَصْرُ أَقَلِّهِ بِوَقْتٍ لَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَادَةِ وَكُلُّ مَا كَانَ حُكْمُهُ مَأْخُوذًا مِنْ الْعَادَةِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ تَحْدِيدُهُ بِأَقَلِّ الْقَلِيلِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ السَّفَرَ مُشْتَقٌّ مِنْ السَّفَرِ الَّذِي هُوَ الْكَشْفُ مِنْ قَوْلِهِمْ سَفَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ إذَا أَضَاءَ وَسَفَرَتْ الرِّيحُ السَّحَابَ إذَا قَشَعَتْهُ وَالْمِسْفَرَةُ الْمِكْنَسَةُ لِأَنَّهَا تُسْفِرُ عَنْ الْأَرْضِ بِكَنْسِ التُّرَابِ وَأَسْفَرَ وَجْهُهُ إذَا أَضَاءَ وَأَشْرَقَ وَمِنْهُ قوله تعالى [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ] يَعْنِي مُشْرِقَةً مُضِيئَةً فَسُمِّيَ الْخُرُوجُ إلَى الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ سَفَرًا لِأَنَّهُ يَكْشِفُ عَنْ أَخْلَاقِ الْمُسَافِرِ وَأَحْوَالِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْنَى السَّفَرِ مَا وَصَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْوَقْتِ الْيَسِيرِ وَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَصَنَّعُ فِي الْأَغْلَبِ لِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ مَا يَكْشِفُهُ الْبَعِيدُ مِنْ أَخْلَاقِهِ فَإِنْ اعْتَبَرَ بِالْعَادَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمَسَافَةَ الْقَرِيبَةَ لَا تُسَمَّى سَفَرًا وَالْبَعِيدَةُ تُسَمَّى إلَّا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ سَفَرٌ صَحِيحٌ فِيمَا يُتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَثَبَتَ أَنَّ الثَّلَاثَ سَفَرٌ وَمَا دُونَهَا لَمْ يَثْبُتْ لِعَدَمِ مَعْنَى الِاسْمِ فِيهِ وَفَقْدِ التَّوْقِيفِ وَالِاتِّفَاقِ بِتَحْدِيدِهِ وَأَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَارٌ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ الثَّلَاثِ فِي كَوْنِهَا سَفَرًا فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَمِنْهَا
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَيْنِ
فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ

1 / 216