212

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Bincike

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

لَهُ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْمُوصِي أَفَادَ بِفَحْوَى الْخِطَابِ أَنَّ هُنَاكَ مُوصًى لَهُ وَوَارِثًا تَنَازَعُوا فَعَادَ الضَّمِيرُ إلَيْهِمْ بِفَحْوَى الْخِطَابِ فِي الْإِصْلَاحِ بينهم وأنشد الفراء: وما أدرى إذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيَّهُمَا يَلِينِي أالخير الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ أَمْ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي فَكَنَّى فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ عَنْ الشَّرِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وَحْدَهُ لِمَا فِي فَحْوَى اللَّفْظِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وغيره وقد قيل إن الضمير عائدا عَلَى الْمَذْكُورِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ وَهُمْ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَقَدْ أَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَكُلِّ مَنْ وَقَفَ عَلَى جَوْرٍ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْخَطَإِ أَوْ الْعَمْدِ رَدَّهَا إلَى الْعَدْلِ وَدَلَّ عَلَى أن قوله تعالى [فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ] خَاصٌّ فِي الْوَصِيَّةِ الْعَادِلَةِ دُونَ الْجَائِرَةِ وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْعَمَلِ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنْ الْمَيْلِ يَكُونُ فِي غَالِبِ ظَنِّ الْخَائِفِ وَفِيهَا رُخْصَةٌ فِي الدُّخُولِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَنْ الْحَقِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. بَابُ فَرْضِ الصِّيَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] فَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْنَا فَرْضَ الصِّيَامِ بِهَذِهِ الآية لِأَنَّ قَوْلَهُ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ] مَعْنَاهُ فُرِضَ عَلَيْكُمْ كَقَوْلِهِ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ] وَقَوْلِهِ [إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا] يعنى فرضا موقتا والصيام فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا] يَعْنِي صَمْتًا فَسَمَّى الْإِمْسَاكَ عَنْ الْكَلَامِ صَوْمًا وَيُقَالُ خَيْلٌ صِيَامٌ إذَا كَانَتْ مُمْسِكَةً عَنْ العلف وصامت الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ لِأَنَّهَا مُمْسِكَةً عَنْ السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ فَهَذَا حُكْمُ هَذَا اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْكَفِّ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَعَنْ الْجِمَاعِ فِي نهار الصوم مع نية القرابة أَوْ الْفَرْضِ وَهُوَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ عِنْدَ وُرُودِهِ لِأَنَّهُ اسْمٌ شَرْعِيٌّ مَوْضُوعٌ لَمَعَانٍ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً فِي اللُّغَةِ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَرْضِ وَاسْتِقْرَارِ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ قَدْ عَقَلَ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ فِيهَا بِتَوْقِيفِ النَّبِيِّ ﷺ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا وقَوْله تَعَالَى [كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] يَعْتَوِرُهُ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَرْوِيٌّ عَنْ السَّلَفِ قَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةَ إنَّهُ كتب على

1 / 214