123

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Editsa

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
مَا ادَّعَيْته لَا بُرْهَانَ عَلَيْهِ فَظَوَاهِرُ الْآيِ مُقْتَضِيَةٌ لِقَبُولِ مَا أُمِرُوا بِهِ لِوُقُوعِ بَيَانِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَفِي الْآيَةِ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ دَلَّتْ عَلَى لُزُومِ إظْهَارِ الْعِلْمِ وَتَرْكِ كِتْمَانِهِ فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ عَلَى مَا عَلَيْهِ فِعْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قال النبي ﷺ إنِّي أَعْطَيْت قَوْمِي مِائَةَ شَاةٍ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَقَالَ ﷺ الْمِائَةُ شَاةٍ رَدٌّ عَلَيْك وَإِنْ تَرَكُوا الْإِسْلَامَ قَاتَلْنَاهُمْ
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قَوْله تَعَالَى [إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا] وَظَاهِرُ ذَلِكَ يَمْنَعُ أَخْذَ الْأَجْرِ عَلَى الْإِظْهَارِ وَالْكِتْمَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى [وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا] مَانِعٌ أَخْذَ الْبَدَلِ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ إذْ كَانَ الثَّمَنُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْبَدَلُ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَة:
إنْ كُنْت حَاوَلْت دُنْيَا أَوْ رَضِيت بِهَا ... فَمَا أَصَبْت بِتَرْكِ الْحَجِّ مِنْ ثَمَنِ
فَثَبَتَ بِذَلِكَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ عُلُومِ الدِّينِ
قَوْله تَعَالَى [إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الْكِتْمَانِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِظْهَارِ الْبَيَانِ وَأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ بِالنَّدَمِ عَلَى الْكِتْمَانِ فِيمَا سَلَفَ دُونَ الْبَيَانِ فِيمَا اُسْتُقْبِلَ.
بَابُ لَعْنِ الْكُفَّارِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَعْنَ مَنْ مَاتَ كَافِرًا وَأَنَّ زَوَالَ التَّكْلِيفِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ لَعْنَهُ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ لأن قوله [وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] قَدْ اقْتَضَى أَمْرَنَا بِلَعْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ جُنَّ لَمْ يَكُنْ زَوَالُ التَّكْلِيفِ عَنْهُ بِالْجُنُونِ مُسْقِطًا لِلَعْنِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ سَبِيلُ مَا يُوجِبُ الْمَدْحَ وَالْمُوَالَاةَ مِنْ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاحِ أَنَّ مَوْتَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ جُنُونَهُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُدُوثِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَإِنْ قِيلَ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ مُرَادَ الْآيَةِ أَنَّ النَّاسَ يَلْعَنُونَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى [ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا] قِيلَ لَهُ هَذَا تَخْصِيصٌ بِلَا دَلَالَةٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةِ فِي الدُّنْيَا بِالْآيَةِ فَكَذَلِكَ مِنْ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَشْتَبِهُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ النَّاسَ يَلْعَنُونَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ إخْبَارٌ بِاسْتِحْقَاقِهِ اللَّعْنَ مِنْ النَّاسِ لَعَنُوهُ أَوْ لَمْ يَلْعَنُوهُ
قوله تعالى [وَإِلهُكُمْ

1 / 125